الخميس، 30 أكتوبر 2014

إياك وإعارة الكتب

يا مستعيروا الكتب على مهلكم !

استعار الدكتور ج . كورى كتابا من المكتبة الطبية في لندن عام 1823 م ، وأعاده حفيده إلي المكتبة في 7 يناير 1968 م !

يا مستعيروا الكتب ردوا ما عندكم من كتب !

نقش قارئ على باب مكتبته : الا يا مستعير الكتب دعني فان إعاراتي للكتب عار فان محبوبي في الدنيا كتابي فهل رأيت محبوبا يعار ؟!

الطب بالقراءة


العلاج بالقراءة أوضحت دراسة استمرت لمدة 21 عاما ونشرت نتائجها في صحافة يوم الخميس الموافق 19/6/2003 م أن قراءة كتاب ممتع أو حل الكلمات المتقاطعة ينشط المخ ويحفظه في حالة جيدة وقالت الدراسة التي أجراها باحثون في كلية البرت اينشتاين للطب بنيويورك : أن تنشيط المخ بالعمليات الذهنية يمكن أن يساعد في تفادى الإصابة بمرض الزهايمر ، وتدهور القدرات العقلية كما تؤدى التمرينات البدنية إلي المحافظة على صحة الجسم .

عطر يبقي: ادب الطفل في أعمال الصوان


عطر يبقي: المبتعدون كي يقتربوا في ملتقي الكتاب


عطر يبقي: ملتقي شاعر الجبل

السبت، 25 أكتوبر 2014

بائع الكتب القديمه الذى فقدته - بقلمي

بائع الكتب القديمة الذي فقدته
ولجوئي المضطر إلي هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة
خالد جوده


انا أشبه المدمن الذي يتعاطي الكتاب، ولا يكاد يمر يوم دون ان المس الكتب وأتناولها وأقلب فيها بصري، وامتع لحظاتي هي عندما أجد كتاباً شيقاً فاحمله كما أحمل الشئ الثمين، وقد أؤجل ألتهامه إلي حين حتي استمتع بمقاربته، لكن ما أسرع ما تغلبني رائحته الذكية، فانقض عليه قراءة ومتعة لا توصف، وليست كل الكتب كذلك.
وكنت اجد سلوتي ومتعتي الكبيرة في المرور كل يوم وأحياناً صباحاص ومساءاً علي بائع الكتب القديمه لجد عنده ما لذ وطاب بأسعار زهيدة، لقط ودرر بكل معني الكلمة، وليس الإنترنت أو المكتبات او دور النشر الحديثة مثل بائع الكتب القديمة، فقد وجدت لديه كتب قيمة جداً نفدت منذ زمن، ومن جميع أوطان العروبة، وفي شتي الموضوعات، كتب شيقة جداً قد لا يسمع بها احد من قبل، كان مصدراً ومورداً هائلاً للفكر والثقافة والفن والمتعة الثقافية بلا حدود، لكن للآسف فقدت البائع باعتباره بائعاً جائلاً (وظاهرة الباعة الجائلين جزء من ظواهر اجتماعية وإقتصادية مركبه تمثل إقتصاداص موازياً وتتماس شيئا مع ظواهر أخري خطيرة، لكنها أفضل من سواها، علي الأقل هي علي حافة محاولة الحصول علي مطالب الحياة لفئات مهمشة، كما أن فيها شباب مؤهل بالتعليم المتوسط والعالي أحياناً لم يجد وسيله لكسب رزقه سوي ذلك، وبالطبع إزالتهم تشبه من يقوم بطلاء جدار متهدم بالوان حسنة، لكن المشكلة موجوده، كما انها مشكلة من نوع السوسته، بمعني أنها لدي ضعف الضغط ستعود أقوي من قبل، ولعل البشائر بدأت علي سلالم المترو، وبعض الأنحاء)
كنت مثل المدمن الذي لم يجد جرعته المعتاده فبدأ يتعاطي انواع أخري، مع مراعاة أن تشبيه الإدمان في باب الشغف، وليس من باب غياب العقل، فالقراءة يقظة وانتباه.
ولم اجد امامي سوي مكتبات الهيئات الثقافية في وسط البلد، ولا شك أن الهيئات الثقافية بما تقدمه من منتج ثقافي يتمثل علي وجه الخصوص في إصدار الكتب والسلاسل والدوريات المختلفة، من المفترض انها تقدمها كخدمه ثقافية للقراء المحبين للكتاب (باني الحضارة) في شتي فروع العلوم والفنون، ويقف في أول هذه الهيئات (الهيئة المصرية العامة للكتاب) وللأسف الشديد تبدلت هيئة الكتاب عن استراتيجيتها كمؤسسة نشر عامة تهدف لنشر الكتاب، والشواهد كثيرة كما يلي:
1-    تتعامل الهيئة الآن مع القراء وكانها دار نشر خاصة فتعمل علي تسعير الكتب ليس بأسعار مدعومه كما كان في السابق، بل أصبحت أسعارها مرتفعة جداً.
2-    الموضوعات في بعض الكتب غير مشجعه للقراء العاديين، وتبدو انها كسد خانه.
3-    أن الهيئة رغم تمتعها بمراكز ومكتبات في أنحاء مصر وكان القارئ يستطيع بيسر أن يصل لإصداراتها، فإنها في أسلوب جديد لها تطرح إصداراتها الجديدة أولاً لدي باعة الكتب وبالطبع تكون لديه نسخ محدوده ولدي الباعة الرئيسيين في المدن فقط مما يؤخر وصول الإصدارات الجديدة للقراء خاصة مع وجود نشر واسع عن هذه الإصدارات.  
4-    انخفضت نسبة الخصم من 20% إلي 10% فقط.
5-     لم تعد الهيئة تقدم تحفيز للقراء من خلال سور الأزبكية (كتب بجنيه مثلاً في فترة من الفترات) داخل مكتباتها ومعارضها، أو اوكازيون بنصف الثمن لفترة قد تمتد لأسابيع، أو كتب معينة مخفضة السعر مثل إصدارات مكتبة الأسرة عن سنوات سابقة، أو مجموعة كتب مخفضة بسعر بسيط مثل 20 كتاب ب 5 جنيه، او هدايا مجانية (مره في معرض الكتاب حصلت علي اكثر من 20 كتاب مجاني).
6-    تفوقت الآن هيئة قصور الثقافة علي هيئة الكتاب من اكثر من عنصر:
- تعاقدت هيئة قصور الثقافة مع مكتبات  في وسط البلد لتوزيع كتبها
-  تقدم هيئة قصور الثقافة عدد محترم جدا من السلاسل الثقافية  (اكثر من 30 سلسلة) في كافة فروع الثقافة والفن والأدب والتكنولوجيا والتراث الشعبي ... إلخ.
- أسعار هيئة قصور الثقافة ما زالت معقوله لحد كبير.
- قدمت هيئة قصور الثقافة خدمة ممتازة بإتاحة أكثر من 240 كتاب من إصداراتها علي موقعها علي النت يتم تحديثها باستمرار، بعكس هيئة الكتاب التي لا تتيح إلا 15 كتاب فقط تقريبا مجانيا علي النت منذ سنوات طويلة لم تتغير
لكن تظل لهيئة الكتاب ميزات منها سعة أنتشار مكتباتها ومعارضها خاصة في اماكن التجمع الطلابي والشبابي، مشاركتها في المعارض الإقليمية والدولية، عناية وسائط الإعلام بما تطرحه من إصدارات بشكل موسع.

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

الفعل والأمل غير المستحيل وملامح البسط في (تراتيل وحكاوى قصيرة للغاية) للقاص د. أحمد الباسوسى - بقلمي

الفعل والأمل غير المستحيل وملامح البسط في (تراتيل وحكاوى قصيرة للغاية)
للقاص د. أحمد الباسوسى

خالد جوده 


 ·       إن مطالعة عنوان المجموعة القصصية (تراتيل وحكاوي أخرى قصيرة للغاية)، للكاتب أستاذ علم النفس، د. أحمد الباسوسي (من أدباء مدينة أكتوبر)، يضعنا مباشرة علي عتبة قضية الحكاية والقصة بشكل عام، وقضية النوع الأدبي الجديد الذي يطرق الباب بقوة ويتشكل في منطقة تماس أدبية جديدة، ويتدارسه النقاد والدراسين ليتم تأطيره ووضع المفهوم الفني المتعلق بأدائه، إنها القصة القصيرة جداً، ودون ولوج كبير في أنحاء القضيتين اشير لمفهومي حولهما: من حيث أن الحكاية او بمصطلحها الشعبي "الحدوتة" هي المادة الخام والعمود الفقري للقصة القصيرة الفنية بصيغتها التقليدية، والتي بدات من قديم بقصة النصف قوس التي تعتمد علي تفريغ الذروة الدرامية في لحظة الإنتقاء القصصي، وتصل للحظة التنوير "الشهيرة"، ومن حينها أصبحت القصة القصيرة من أكثر ألوان الأدب قربا من المشكلات الحياتية، وأزماتها الاجتماعية، باعتبارها صيحة الطبقات المسحوقة، وفي المجموعة بين أيدينا نجد عنصر القصة الحديثة والتي تركن اكثر للتجريد، ورعاية حالة كاملة وليس شرطاً لحظة فنية واحدة.
·        والمجموعة لا تمنح نفسها بيسر لقارئها إذ أنها لا تقتني مبدأ الوضوح الأدبي إلا بصيغة حداثية، بحيث تثق في ذكاء القارئ وتستفزه للولوج في مدارات التأويل ليصبح مشتركاً مع القاص في إنتاج القصص، فعلي سبيل المثال القصة رقم 20 والمعنونه (عاد ومضى)، عن العجوز الذي يحكى ذكرياته مع الرجل صاحب القامة الطويلة، قصة مفتوحة تماماً للتأويل، فرمزيتها عريضة تفسرها نافذة القصة المضيئة (الكاشفة لقصديتها) في العبارة (إنه يحقق انتصارات خيالية) ص 107، فالقاص لا يترك قارئه في هذه القصة وغيرها دون ان يفتح له نوافذ مضيئة كاشفة لداخل نصه، لكنه يدع له لذة التأويل واستحلاب النص.
·       إذن مفردة "حكاوي" في عتبة المجموعة ترمى إلي إيمان القاص بوظيفة القصة في التفاعل مع هموم الناس، وانها يجب أن ُتحكى لهم ليقفوا فيها علي مواضعات الواقع المر، أما "تراتيل" فتشير للقصة المعنونة بهذا العنوان والتي تحتوي أجزاء مرقمة، وتشتمل فكره ساخرة، وتدرس طبيعة المجتمع حين يفقد كرامته حباً في الكسل، ويستسلم للأجلاف، ويهمش بائع الحواديت (صاحب التنوير في مجتمعه) حتى يقضي نحبه في خاتمة القصة.
·       أما قضية النص الأدبي القصير فأصبحت قضية في المتن لطبيعة العصر وتسارعه، وبزوغ الحاجة للتركيز والتكثيف والتلخيص، وهو ما يتفاعل مع الوسائط الحديثة أكثر من سواه من النصوص وفنون التشكيل، حيث أصبح قارئ الإنترنت يحتفي بالنص والتدوينة القصيرة (توتير نموذجاً)، والقاص يتعاطي مع الإنترنت، ويراه نافذة لبث الحكاوي، ودليلى إحصائية قمت بها بتاريخ (7/6/2013) إبحاري في شبكة الشبكات حول قصص القاص، وجدت عدد المشاهدات لعدد (33) قصة قصيرة منشورة بموقع القصة العربية، وبعضها منشور ورقياً في المجموعة، (38946) مشاهدة، وعدد التعقيبات (139) تعقيباً خلال خمس سنوات ُنشرت فيها هذه القصص، إنه يستهدف إيصال القصص للقراء والتفاعل معهم.
·       إهداء المجموعة عنصر مبدئي للرحلة في عالمها، وعتبة من عتباتها، تشكل موضعياً قيمة "المطالعة" بمعناها النفسي، والقاص مشغول بها، ويقدم تنويعات لها في الإهداء، ويبذر بها بذرة للأمل فالقصص ليست يائسه (وإلي ضحى وهي تطالع الأفق غير المستحيل)، وكاتب القصة القصيرة جداً يكون عاشقاً للتكثيف للدلالات، بميزان دقيق، فاستعمال مفردة "غير مستحيل" تحمل معني الأمل الذي يقتضي جهداً وعرقاً، ويتعامل مع الواقع الشرس بدون تهوين او تهويل، فالواقع الذي عبر عنه بالبقية، وفقدان البراءة، والحسرة علي الفائت، وعدم العوده يقول في قصة 3x 3 صفحة 49 (ما عادت الأشجار تثمر .. وما عاد الشتاء يجيء ... وما عادت سلوى تتابع ..)، والمساحات المغتصبة من العقل في قصة (إغتصاب) ص 41، ما زال يحمل الأمل غير المستحيل تحقيقه (الضوء الباهت يكافح جحافل الظلام).
·       ورغم التكثيف في القصص نجد التنوع بالبسط من خلال أدوات فنية، تبدأ من استعمال أدوات الترقيم (النقاط)، وهى كما قيل "ثروة القاص" يجب أن يقتصد في إنفاقها بسهولة، والنقاط ثمثل فجوات للنص يستطيع القارئ (الحاضر دائماً) ان يشتغل بها بالخيال والتأويل، كما نجد وسيلة أخري للبسط في القصص من خلال تقنية "التكرار"، وهي براعة تحسب للقاص ان يقوم بالتكرار في حيز ضئيل، بل جعلها مفتاحاً فنياً لقصة بكاملها، وهي قصة (نافذة مطلة علي البحر) ص 37، والمشكلة من 10.5 سطر، لعب فيها جغرافيا المكان كصورة بصرية دور البطولة، بتكرار (نافذة مطلة علي البحر) فوق وتحت وامام وخلف، وظاهرة التكرار ظاهرة فنية لا تخفي علي قارئ في طول القصص وعرضها، لذلك شواهدها لا تكاد تمر صفحة دون ان نطالعها سواء بالتكرار اللفظي أو تكرار المعني، أو حتي استعمال مفردات متماثلة (عقلها / نافوخها) في قصة اغتصاب ص 41، كما نجد الإهتمام بالتفاصيل في الحيز المحدود كذكر الأسماء والالوان وماركات السيارات والوصف ... إلي آخره.
·       يقدم القاص تشريحه الفني للواقع، ويهتم بقضية شيئية الإنسان، وعدم اهتمامه بالغوص في الأعماق او صقل الروح والتزود بالثقافة، ففي قصة (مؤتمر) يختار ببراعة ودقة مفردة كاشفة معبرة (حشد المتأنقين الملتمعين)، واللمعه تعطي معني السطحية والتكلف، وعليها مدار القصة، وفي مقابل الشيئية يقدم أنسنة الأشياء في بلاغة قصصية تعبر عن المفارقة الجسيمة، ففي قصة وفاة كنموذج يصف الواقع بالطقس العاصف البارد، وتنتقل البروده لكل شيء (في الغرفة المرتعشة ... طفق المرتعشون يضحكون ...) ص 33، كما يقدم أنسنة الأشياء أيضا في إطار وصف الواقع وقسوته (والشوارع التي تدهس) ص 49، او تعاطف الجماد مع الإنسان المقهور (المحطة الودوده) ص 111، رغم ان هذا القطار في المحطة يتقيأ ركابه علي الدوام.
·       يحتفي القاص في القصص بقيمة (العدالة الإجتماعية) تشغله القضية بقوة، ويعبر عنها بادوات واحدة، نعطي منها مثالاً بالمعادل الموضوعي باستخدام الشوارع / الطرق، ووسائل المواصلات بانواعها باعتبارها معبرة عن حظوظ الإنسان وتباين الطبقات، حيث نجد تعدد ماركات السيارات، وانواع المواصلات وأقدار وتفاعل الناس بها، وشواهدة كثيرة جدا في القصص، فالحارات تعبر عن الضيق والضياع، والسلام ليس سلاماً إنما استسلاماً لذلك كانت حارة السلام وليس شارع السلام، وممر الحارة الضيق تكرر ثلاث مرات في قصة (كلام) المشكلة في عدد 13 سطراً، والشارع ملئ بالحجارة والحفر في قصة (غضب) ص 21 ليس وصفاً للحالة المادية وفقط ولكنه رمزيه معبرة للحالة النفسية (الخمول وفقدان إرادة التغيير بالفعل).
·       وشخوص المجموعة القصصية تلتقي وتفترق في طرق الحياة، لتتنج تقاطعات بين رؤاهم وأوضاعهم، بما يخلق حيوية ودينامية للقصص، ففي قصة (اجازة) ص 57، والتي تحمل متن (العدالة الإجتماعية) بصورة واضحة تتفاعل شخوص القصة وتتقاطع ليشمل مشهدها الكلي تفاعل (صبية حفاة صغار / أسرة أنيقة مكونة من رجل وسيدة وطفل مرفه / الحمام باعتباره رمزاً للحرية وقيمتها اللصيقة العدالة الإجتماعية / السائس "الشبح الفقير" وتأمل مفردة الشبح وتوظيفها فنياً في إطار متن القصة، لتكون جاتمتها المعبرة (والحمام الذي ضرب الهواء بجناحيه واختفى في الضباب)، والضباب مفردة موحية ومعبرة، باعتبار ان افتقاد العدالة الاجتماعية ُيفقد السلام المجتمعي (ورمزه الحمام).
·       يحاول القاص تفسير ظواهر المجتمع المرضية ويقف علي أسبابها، ويدعو للقيمة الطاردة لتلك الأوبئة، فيعتني عنايه خاصة بالفعل باعتباره العنصر الناجز في المعادلة الحياتية، ففي قصة (كلام) يسرد مخاطباً المروي عليه (تمضى دون ان تقول لا) ص 17، ومصمصة الشفاة واللعب والكلام اللاذع والمقهي يدل علي سقوط الفعل وتدهور حالته، وفي قصة غضب صفحة 21 والمشكلة فقط من أربعة أسطر، حيث الخاتمة تشكل المفارقة (العلامة الدالة في القصة الناجحة) في التناقض بين الرجل الوسيم الغاضب (يفرد صحيفته) ويتلقي الأخبار ولا يكترث بمرور الراوي المتكرر ولا يغضب، لأن الفعل مصاب بالجزام.
·       ولا يكتفي في مدارسة قضية "الفعل" فقط من قبل الجمهور أو الشعب، لكن يشير إلي أثم الإعلام وأصحاب الفكر في تدهور حالة "الفعل"، في قصة (دعوة) ص 53، عن مشكلات الشباب والعنوسة والإغتراب من خلال شخصية الفتاة التي تريد ان تصل لفرحها ولكن العقبة كؤود (حيث اغترب الخطيب طلباً للرزق منهكاً ومتوتراً)، يقول مفتتح القصة (عند نهاية الشارع رصدت حجارة وكهارب وعيون وأشياء أخرى ... جنحت يميناً تزاحم حشود الناموس والأخبار وركام الأحداث العالي ..)، ويقف مقابلأ لتلك الشخصية المقهورة مهدورة الحلم والطموح، متآكلة الكعب (في تعبير القاص السائد بعض القصص كمعادل موضوعي لكفاح الفقراء والمهمشين)، شخصية الصحفي صاحب القلم الذي يموه علي الواقع ويكتب أعلي الصفحة في عموده اليومي (ما أجمل الآن)، وتذكرني القصة بقول الشاعر: (ولا يرون البندقية حتى يروا الشفاة مستديرة، ولا يرون المشنقة حتي يروا الضفيرة).
·       كما نجد ملامح السخرية مبطنة ببعض القصص، لكنها السخرية النابعة من مزاج الكوميديا السوداء (إنه ضحك كالبكاء)، ففي قصة وفاة (وقد غطوه لتوه بلحاف مهترئ محسوب عليه في قائمة الزواج) ص 33، ومثل إدمان عادة الضرب علي القفا في قصة (تراتيل)، او في قصة (المتخصص) في اقتحام الزحام بالأتوبيس رغم كافة العوائق، حيث يدور حواره الذاتي (لا أدرى لماذا يتركون أنفسهم يسمنون بهذه الطريقة ... اثنين مثله وينفجر الأتوبيس من الركاب) ص 101

·       وبعد ... فالقصص غنية بالفكر والعطاء الفني، ويظل لها نافذة مضئية نطل بها لتفسير القاص، ونشرق بها علي نصوصه القصيرة، واجدها في عبارة ص 114 من قصة (عيون): (... كل شخص تلاشى عن الآخر ... وتلاشى المجموع ... لم يبق سوى ضوء باهت ما زال يكافح جحافل الظلام ...)، لكن الضوء الباهت افضل جداً، يقول كاتب صينى: (عندما تجلس في غرفة مظلمة فغن ضوء الشمعه سيشكل فرقاً كبيراً)

نموذج الأمومة الخالدة وتقنيات القص الفني في رواية (دمعتان .. وبسمة)


نموذج الأمومة الخالدة وتقنيات القص الفني
في رواية (دمعتان .. وبسمة) للروائي كارم عبد الغفار
خالد جوده 


الجمال بطبعه لا يقنن له، مقولة أطلقها الناقد د. محمد مندور، عندما تحدث حول الدور الشخصي للذوق والتأثر، وباعتبار ملكة التفكير تعمل علي تجسير العلاقة بين الذوق الذي هو منتجا خاصا، والمعرفة باعتبارها شأنا عام، يقول: (ويصبح الذوق وسيلة مشروعة للمعرفة التي تصح لدي الغير بتبرير وتفسير الإنطباعات بحجج جمالية وفنية يقبلها الغير)(1)، ومن هذا المنطلق أتناول بذوقي الخاص هذا المنتج الروائي الذي يمكن تصنيفه بعنوان (الرواية القصيرة)، وهو شكل نشأ في منطقة تماس أدبية، كائنة بين القصة القصيرة والرواية، وهى رواية (دمعتان وبسمة) للروائي كارم عبد الغفار - عضو رابطة أدباء الحرية، وهو كاتب في التاريخ والتراجم ومسرحي وشاعر (فصحى/عامية)، وروائي له عدد من الإصدارات في جميع هذه المجالات، منها: هنرى فورد - نور الدين محمود – رائد الإصلاح الأفغاني -  وغيرها، ولعل دافعي علي إجمال لتناول الراوية هو اعجابي بها مما شحذ ذوقي للكتابة، فإضافة إلي تلك الكتابة للروائي في مجالات متنوعة، أجد أنه يجب الإحتفاء بمنتجه الروائي بصفة خاصة، حيث أصدر روايتين تعتبرا من كتب النفس الواحد، ما أن يمسك القارئ برواية منهما حتي تمتد تلك الأنامل الساحرة للفن لتمسك به تماما ولا تفلته حتي الحرف الأخير، ويعود هذا التشويق من وجهة نظرى إلي تلك التقنيات الروائية العالية من حيث اللغة والأسلوب الأدبي، واستخدام أداة الراوي والمروى عليه في أفق الرواية، ومزج السرد بالحوار بالوصف في إتزان، إضافة إلي القيمة الموضوعية الهامة والشيقة والمعبرة عن أصول في الشخصية المصرية عريقة، والروايات الصادره له من دار الفاروق (رواية دمعتان وبسمه، ورواية الغوله) ولو واصل كاتبنا نشاطه الروائي فنتوقع له أن يكون منتجه الروائي علي درب الروائي الكبير نجيب الكيلاني.
هذا إجمال له التفصيل التالى: 
تطالعنا صفحة الإهداء (إلي سيدة نساء العالمين التي علمت النساء كيف يصنعن الرجال إلي امنا خديجة رضي الله عنها)(2)، لتؤكد علي القيمة المحورية في الرواية، حيث أن شخصية الحدث الروائي الرئيسة هي "خديجة" الأخت الكبري، أيقونة العطاء، والشمس الدافئة التي تدور حولها مدارات الشقيقين (راويا الحدث بضمير المتكلم عبر التناوب وإن توحد المنظور) المتلقين لذلك الفيض، خديجة في وعي الروائي الأمومة ومعادل الوطن، ومانحة الدفء ومُورثة الحب، تزرع الرجولة، وتمد أسباب النماء في النفوس، وهنا نجد الخلفية الفكرية التي يستند إليها الروائي، ترد الإعتبار للمرأة وتوضح دورها الكريم في الحياة في ظلال القيم الرفيعة، حتي انني استشعرت أن حكمة الرواية استمدت ضيائها من نبض مقولة (زملوني .. زملوني)، يقولها إنسان العصر الحديث وهو يرنو إلي شاطيء الأمان.
وعبر التنقيب عن تقنيات القص الفني في الرواية بين أيدينا، خاصة فيما يتصل بقناع الروائي التي يتقنع بها، ويتخذها ستارا فنيا براقا يحقق قصديته، نجد تعدد الأصوات الساردة بضمير المتكلم الذي يصف مشاعره ويستبطن ذاته، ويعبر عن مواجعه وآلامه وبما يناسب أجواء الفقد من جانب السارد (جاد/حسين) للإخت الكبري (خديجة)، منتجه أثرها الدلالي حول العاطفة التي يكنها الشقيقين للملهمة الأم الحانية (خديجة)، تعدد الأصوات الساردة لا يعبر عن وجهات نظر متباينة، بل وجهة نظر واحدة كالبلورة أو الماسة لها أوجه براقة متناظرة، أو بعبارة أخري عزف سردي عبر وتر وحيد يمثل الأمومة الغارسة للقيم، والعامرة للحياة بالجمال والحب.
والمروى عليه (رجال الإعلام) غائب عن المشهد في لحظة السرد الحاضرة، حيث اتفق الشقيقان أن ينتظر رجال الإعلام ساعة من الزمن ليسطرا بالكتابة بواعث الناجح، ويعبرا بالحكي عن رحلة  البطل الأصيل وراء ما قاما بتحقيقه من انجاز طبي كبير، هنا المروي عليه سيتحقق دوره لاحقا بعد ختام الرواية، بل سيتغير دوره ليكون هو الراوي عبر وسائط الإعلام، وكأنها سلسلة من الحكي للعبرة الخالدة.
والرواية عامرة بعبارات كاشفة في حكمة مصفاة مستمدة من ضمير جمعي قد يصاغ حينا في شكل مأثورات شعبية متعارف عليها وذائعة الصيت، لكن باسلوب أدبي صاف نقي، أو خلاصة مقطرة من تجارب الحياة، والتالي شواهد يسيرة تمثل عينة من مجتمعها الروائي الكلي، وجميعها مستمدة من منبع الإلهام (خديجة) عبر مواقف تربوية مؤثرة:
(في كل سبيل نحو الإبتسام لابد ان يدفع الإنسان ضريبة من الألم، حتي يقدر نعمة الابتسام، ولا يفرط في بسمته)(3)، ونجد تناصا واضحا في نصب ميزان الاعتدال عبر الشرع الحكيم الداعي للاقتصاد في المشاعر بين الأفراح والإتراح.
(القوة وحدها لا شيء، إذا لم تحطها رجولة، فترشدها)(4)، هنا أيضا ميزان الاعتدال باعتبار الفضيلة وسط بين رزيلتين.
(وهى تقول: قالت لي جدتي يوماً: الفائز في دنياه من يجيد لعبة الصبر، والفائز في آخرته من يجيد لعبة الصبر، والأبله المضيع للاثنين الذي يقول: أحيني اليوم في النعيم وابعثني غدا في الجحيم)(5)، وهنا في تلك النافذة المشرقة للنص نجد توريث الحكمة عبر رحلة الأمومة، كما نجد التناص مع مقولة تصف التواكل (أحييني النهاردة وموتني بكره)، هنا نجد نحت الروائي للعبارة الشائعة من موروث الاستخراب الروحي البغيض، إلي لغة أدبية راقية، ليمثل دور الأديب في الرقي باللغة دون أن يفلت المعني المستهدف في شيء منه.
وفي عبارة لافتة أخرى (تعلمت أن الإنسان في حاجة إلي عضلات أخري غير تلك المفتولة في عضديه وساعديه، في حاجة إلي عضلات في روحه تمكنه من التصدي لسهام الإيذاء التي لابد ان يتلقاها ممن حوله، من الناس، من الزمان، من المكان، حتي من الجمادات)(6)، وبعدها بقليل تعبير ملخص آخر يشبه حقيقية أن الأرض بيضاوية الشكل (ولكن ما البشر إلا وتر مشدود علي عود الحياة)، عبارات كاشفة عن حس إسلامي غامر يتناص مع الآية الكريمة (لقد خلقنا الإنسان في كبد)، ومع النص الشريف (من يخالط الناس ويصبر علي آذاهم ...)، ويمكن لقارئ الرواية أن يستخرج لائحة ممتازة من تلك العبارات المضيئة.
أمر آخر تكامل عبر الشكل الفني والمضمون ذاته، فكما اشرنا سابقا نحو النسيج السردي المتتابع عبر أصوات متعددة تأخذ برقاب بعضها البعض بإجراءات للتسليم والإستلام ، نجد علي مستوي المضمون، أجيالا من الأمومة الراعية الحانية عبر ثلاثية (الجدة/الأم/الأخت الكبري)، معادل الأمومة الموضوعي)، فنجد الحوار التالي:
(- ستصيرون رجالا يا رجالي؟
فنجيب كأننا تلاميذ تعلمهم:
سنصير رجالا يا امه خديجة
- هل فهمتم درس الجدة جيدا؟
<نعم فهمنا يا جدة خديجة)(7)
وعبر براعة الرواية نجد دائرية الحكي، من خلال قصة النتيجة التي تبدأ بمشهد الختام ثم ترتد عبر تقنية الاسترجاع كى تزيل الأستار رويدا رويدا عن مسرح الحياة، ثم لا تلبث ان تدعو القارئ أن يبدأ الحكي من جديد، بتمثل المعرفة وإنتاج القيمة علي مستوي الفعل.
(قصة صبر .. أو موال من الألم .. لا.. لا.. بل هي قصة حب.. قصة حب غير عادية.. ستعلمون بعض تفاصيلها في هذه الأوراق.. وستعلمون كل تفاصيلها إذا فتشتم في شوارع مصر وحواريها ونجوعها)(8)
بقي من أفق تلك الرواية الرومانسية الممتعة، أن نشيد بالإيهام بالواقع عبر تزييل أخير بتوقيع السارد المزدوج (د/ جاد رزق محمد سالم، د/ حسين رزق محمد سالم)، مع كتابة التاريخ، لكن نقف قليلا أن الروائي حيت أراد أن يغلق الرواية انزلق إلي خطاب وعظي مباشر في الصفحة الأخيرة من الرواية (ص84)، ولو توقفت الرواية عند مشهد اللقاء التخيلي بين الشقيقين والراحلة الكريمة، وهذا الحضن الدافيء، لانتجت الخاتمة الفنية المرجوة.  
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
1- د. محمد مندور – قضايا جديدة في أدبنا الحديث – ذاكرة الكتابة – الهيئة العامة لقصور الثقافة – صفحة (د).
2-  كارم عبد الغفار – دمعتان وبسمة – رواية – دار الفاروق للاستثمارات الثقافية – الطبعة الأولي – 2009 – ص 5.
3- الرواية – ص 13
4- الرواية – ص 24
5 - الرواية – ص 26
6 – الرواية – ص 52
7-   الرواية – ص 71
8-  الرواية – ص 81


الحروف المدببه - بقلمي


الحروف المدببة

خالد جوده 

تناوبت عليه الكلمات تدمي فؤاده، يعشق ملمس الكلمة المخملية في قصائد رقيقة تعبر عن إحساس كاتبها (شاعرها) الأنيق، ولكنها في الحين نفسه تجرح فؤاده بأسنان الحروف المدببة كي تنهض به إلي مواقف جديدة، يحب دائما قلمه، يعتنقه بأنامله النحيلة ، ويبثه أمله وأشجانه وأفكاره .

          جمع بعض أوراقه ( أجندته / دفتره ) والتي يسكنها بيومياته ومنقولاته ، وجد صفحات منها تتحدث عن الشعر ، مسته الكلمات بشغف وحدة :
 أول ما لامست عيناه تعريف العملاق  العقاد للشاعر الطليق : " الشاعر الطليق .... من يشعر بجوهر الأشياء لا من يعددها ويحصي أشكالها وألوانها ، وليست مزية الشاعر أن يقول عن الشيء ماذا يشبه ، وإنما مزيته أن يقول ما هو ويكشف عن لبابه وصلة الحياة به " ، فالأدب ثمرة الحياة يقول ( كيتس ) : " إذا لم يجئ الشعر طبيعيا كما تنمو الأوراق على الأشجار فخير له ألا يجئ "، ويقول الشاعر كاشفا مهمة الأديب : ( يا أصدقائي .. / إنني الجرح الذي يرفض دوما / سلطة السكين / يا أصدقائي الرائعين / أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه / أنا العيون للذين ما لهم عيون / أنا الكتابات التي يحفرها الدمع علي غبار السجون / فأنا مقتنع / أن الشعر رغيف يخبز للجمهور / وأنا مقتنع – منذ بدأت – / بأن الأحرف أسماك / وبأن الماء هو الجمهور  " ، والقائل هو الشاعر الذي شغل الدنيا والأوراق جميعا نزار قباني ، ولننظر ماذا قال أيضا عن الشعر ، " الشاعر هو ضمير الأمة ، فإذا وجد أن أمته تسير في ضلال ، ومن هزيمة إلي أخرى فهل يبلع لسانه ويسكت ، أم ينظم القصائد في مدحها ، الشاعر صوت الشعب وسوطه "  
والحرف المدبب هو الأدب الواخز الذي لا يحمل القارئ علي خمائل الدعة والاسترخاء والمتعة دون فعل ، يقول الناثر نزار أيضا  : " قد تكون الرحلة متعبة ، وقد تحرمكم النوم والطمأنينة ، ولكن من قال إن وظيفة الشعر هي أن يحمل لأجفانكم النوم ، ولقلوبكم الطمأنينة ... إن وظيفة الشعر هي أن يغتال الطمأنينة  ، وإذا كانت وسائل التأثير الجمالي هي المتعة التي يحصدها القارئ بمطالعة الآثار الادبية، أقر ذلك من نادوا بالأدب للحياة ومن نادوا بالأدب للإدب، لكنها هنا ليست المتعة المقصودة لذاتها بل هي الأداة لوخز القارئ، أو كما وصف أحدهم أدبا طالعه بأن المتعة فيه أشبة بالقشرة الحلوة التي تخفي المرارة تحتها يصف بها الأديب آلام ومآسي واقعه الحزين 
ومن أجل تحرير المفهوم ليست الحروف المدببة هي الأدب القاتم الذي ينشر جراثيم الكآبة ، وينيم إرادة التغيير ، ويجعل القارئ نافرا من واقعه ، يأئسا من تغييره ، بل هو الأدب الذي يمثل وثيقة نفسية وإبداعية تقدم المجتمع فنيا بشرح مشكلاته والإبانة عنها بتقنيات جمالية مؤثرة ولافته للنظر، ومن ناحية أخرى جرس للإنذار وفراسة تكشف أفاق المستقبل ورغبة نحو " الإصلاح الأدبي " بمصطلح العقاد في مقال له بعنوان ( الإصلاح الأدبي ) : " إصلاح الآداب هو إصلاح لحياة الأمة وحل مشكلاتها وتصحيح التعبير عن حياتها الحاضرة والمستقبلة ويمكن الحكم على صلاحية هذا المقياس وجودته بمدى ما يقدمه الأدباء من فن رفيع لخدمة الأمة تصف به نفوسهم من خلق كريم "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلاصات كتب

عبر الرابط التالي علي شبكة ينابيع التربوية:
http://www.yanabeea.com/gen_page.aspx?type=22

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

عن الكتاب نتحدث - بقلمي



عن الكتاب نتحدث 
خالد جوده احمد

اشتهرت الصداقة مع الكتاب عن غيرها من أصناف الصداقات، ولتلك الرعاية لهذا النوع من الصداقة الراقية أهميتها ومكانتها وأسبابها المشرقة فالكتاب هو عمدة الوسائط الثقافية، وهو وسيط ومعبر الحضارة، وهو أساس العلوم والمعارف، وهو درب الأدب ومحفز الإبداع، وحضن الفن والأسلوب الجمالي، وهو سر العاشقين للعلم والمعرفة، فالكتاب تدوين خبرات الحياة، والكتاب الشيق هو وجه الإنسانية المشرق، وكنز البشرية، والكلمة الصادقة الصافية هي نافذة في قلب المجتمع تطل منها حقائق الفطرة، والكتاب وسيلة أساسيه لبناء الذات الثقافية الاجتماعية، وأيضا وسيله تربوية، ومتعة عميمة من متع الحياة ومباهجها، والمطالعة استمتاع وإنتاج ، وفضيلة ومنفعة ، فهي ليست هدفا في حد ذاتها لإجتناء المتعة والتسلية وكفى ولكنها تعنى أن تكون تلك المطالعة إيجابية تهدف إلي تثمير الحياة وتحقيق " القيمة المضافة " وذاك الكلام ليس مجرد عاطفة مشبوبة نحو الكتاب ، بل  حقيقة تؤكد أن المطالعة حقا مقدرة حضارية ، وتوجيه ديني ، تخلق من القارئ شخصيه مرنة قادرة على التخيل والتحرك الوجداني كما هي قادرة على الإنتاج المادي  والعطاء للحياة بما يحقق التوازن في الشخصية  ، بما يساعد ذلك جميعه على التطور والتحضر ، يقول " جورج ديهامل " الأديب الإنجليزي صاحب الرواية ذائعة الصيت " عام1984 م " :   "  يلزم أن يفهم الشعب أن أعز الأغراض واسماها والمتع الدنيوية ومظاهر التقدم جميعها متوقفة على استعمال العقل وتثقيفه وصقله ، وبدون الكتب تصبح حياتنا الفردية والاجتماعية مستهدفة لخطر الانحدار إلي الهمجية التي لا يشفى من دائها ، ويجب أن يعلم الجميع أن تثقيف العقل أمر جوهري للحياة الصالحة " ، وقيل إذا أردت ان تعرف حضارة أمة بابسط مقياس فاعرف لديهم أسعار الدواء والكتاب ، وبالفعل فالأول دواء البدن والآخر دواء الروح .  
 والمطالعة كانت وستظل اللون المحبب من وسائط الثقافة وهى أخلدها وأبقاها ، وهى الإساس في اكتساب الثقافة لما تشمله من عمق في الاكتساب وشمولية في المعارف وحيث تغلب الصفة الترفيهية على وسائط الثقافة الأخرى ، كما أن هذه الوسائط غير الكتاب لا تعتمد على بذل الجهد ، بل يكفى أن يجلس المتلقي أمام التلفاز مثلا لتصب في روحه المواد المقدمة دون أدنى جهد أو بذل منه ، ومعروف أن ما يأتي سهلا يذهب سهلا ، وأن أكثر ما يعتز الإنسان به هو ما كان باختياره وما بذل فيه من جهد ، وهكذا كانت وسائل الإعلام الأخرى أكثر تغلغلا في المجتمعات خصوصا  مع سهولة تقبلها وندرة الجهد الذي يبذل في استيعاب ما تعرضه هذه الوسائل بعكس الكتاب الذي يحتاج إلي جهد ذهني وبذل مالي ضخم ، وعود مرة ثانية لنؤكد أن انكماش طبقة القراء في المجتمع تعنى محدودية الشخصية وضحالتها بوجه عام طبقا للمادة الثقافية التي تعرضها الوسائل الثقافية الأخرى ،  وهذا الكلام لا يعنى انصراف عن الوسائل الأخرى لتكوين الثقافة والتحفيز لتأسيس الملكات ، ولكن خير الأمور ما كان وسطا بين الإفراط والتفريط ، فلا تتكون جميع مصادر الثقافة من وسائل أخرى متعددة غير الكتاب ( ولذلك خطورته البالغة كما أشرنا ) كما لا تتشكل ثقافتهم من الكتب فقط ، مكتفية بما تتضمنه الكتب ودون الخوض في تجارب الحياة والاشتمال على ما تحتويه وسائط الثقافة الأخرى في المجتمع ، ولهذا دوره في تحقيق التوازن ، ولعل الدليل على ذلك مقولة  "الجاحظ " عن نوعية الكتب المعتبرة : " الكتب المعتبرة الجديرة بالعناية والحرمة ، إنما هي الكتب التي تنفع الناس في حياتهم الدنيا وتبصرهم بدينهم ، وتسمو بأفكارهم ، وترقق أذواقهم ككتب الفلسفة والآداب والسنن ، والكتب التي تعرف الناس أبواب المكاسب والصناعات .



ومضات ساحرة من أدب طاغور


ومضات ساحرة من أدب طاغور

الفيلسوف ، المفكر والأديب العالمي  طاغور (1861 : 1941)، وهو من ألمع أدباء ومفكرى العالم، ترجم الكثير من كتبه إلي عدد كبير من لغات العالم ، وأقيمت المعارض لفنه الرفيع ، بدأ طاغور الكتابة منذ كان عمره في الخامسة عشر ، وظل يكتب طوال حياته حتى آخر عمره بلا توقف . ويبلغ مجموع أعماله المدونة 120 مجلدا ، وعدد أبيات الشعر التي كتبها حوالي مائة وخمسون ألف بيت من الشعر ، كما كان أول شرقي يحصل علي جائزة نوبل عام 1914م .
والتالى شذرات من أدبه اخترها من عدد من الكتب تمثل ومضات ساحرة في غاية البهاء والرونق في شكل مقاطع شعرية ونثرية في غاية الإيجاز، هى كلمات قليلة تترك أروع الأثر في النفس ، وقد برع فيها طائفة من الحكماء الأدباء ، ومنهم الأديب طاغور ، ومؤلف طاغور الرئيس الذي يشتمل علي تلك الشذور هو ديوانه (طيور شاردة) ، كما انتقينا له من مصادر أخرى كلمات حكيمة أخرى : 
* لن تجد قوة الله العظيمة في العاصفة ، وإنما تجدها في النسيم الرقيق .
* تمر الأفكار بذهني كأسراب البط في السماء ، إنني اسمع رفيف أجنحتها .
* العفة ثروة تأتي من وفرة الحب .
* الإنسان يضع المتاريس أمام نفسه .
* شكرا للأشواك علمتني الكثير .
* إننا نعيش في هذا العالم حين نحبه .
* أيتها الأفكار الهلوع لا تخافي مني ، إنني شاعر .
* يرحل الظلام صوب النور ، ولكن العمي يرحل صوب الموت .
* إن الذي يبغي عمل الخير يطرق الباب ، أما الذي يحب فيجد الباب مفتوحا .
* إن نور الشمس يفتح باب الكون كما أن نور الحب يفتح كنوز العالم .
* والحب لديه يعني العمل فيقول : " يجب أن تحب لكي تعمل ويجب أن تعمل لكي تحب "
* وبلغ من إيمانه بالحب أنه قال : " عليك أن تؤمن بالحب حتى لو جلب عليك  الألم "
* يهمس القوس للسهم قبل أن ينطلق : حريتك في يدي .
* لا يمكن أبدا للزيف أن يتحول إلي حقيقة ، ولو أدي به الأمر إلي الاستعانة بالقوة .
* إذا كنت تريق الدموع لفقد الشمس ، فسوف تفقد النجوم كذلك .
* الراحة من العمل كالجفون للعيون .
* حين يغدو الإنسان حيوانا ، يكون عندئذ أسوأ من الحيوان .
* أيها الجمال إنك تجد نفسك في الحب ، لا في المرآة المداهنة .
* يتمني الطائر أن يكون سحابا ، ويتمني السحاب أن يكون طائرا .
* لتكن الحياة جميلة كأزهار الصيف ، والموت كأوراق الخريف .
 الحياة الروحية هي أساس الكمال الإنساني ومصدر الطمأنينة النفسية
* الفن يماثل الحب في كونه غير قابل للتفسير .
* الشمس تشرق دائما ، فلماذا الحزن الذي يأتي مع الليل !

* وفي مناجاة رقيقة :" هذه صلاتي إليك يا رباه ، انزع هذا البخل من قلبي ، واجتثه من جذوره ، وامنحني القوة حتى أصبر علي الأفراح والأتراح ، امنحني القوة حتى أجعل حبي مقرونا بالتفاني ، امنحني القوة حتى لا أحتقر الفقير أو أخضع للقوة الطاغية ، امنحني القوة حتى أسمو بروحي فوق توافه الحياة ، امنحني القوة حتى أهيم بحبك ، وأبقي رهن مشيئتك "

الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

المواطن والمكتبة العامة




أهمية المكتبات العامة

1- تأكيد وصول كل المواطنين لجميع أنواع المعلومات، والنفاذ إلي المعرفة، باعتبار أن المكتبة العامة مفتوحة لجميع فئات المجتمع بصرف النظر عن أي اعتبارات تتصل بالمستوي الثقافي والاقتصادي والاجتماعي.
2- تؤدي دورها الهام والأساسي في العلم والتعليم بمختلف مستوياته، فالمكتبة العامة هي مركز التعليم مدي الحياة أو التعليم المستمر، أو التعليم الذاتي المستمر.
3- تطور دور المكتبة ليشمل بالإضافة إلي محو أمية القراءة والكتابة، إلي محو الأمية المعلوماتية (بالتعاطي مع الوسائط الحديثة من إنترنت وتعليم إلكتروني ... إلخ).
4- مساعدة المستفيدين منها علي استخدام قواعد البيانات وفقاً للأصول المرعية التي تحافظ علي حقوق الملكية الفكرية.
5- تعمل المكتبة علي تشجيع الحوار بين الثقافات وتأكيد التنوع الثقافي، بما يمثل زيت مفاصل المجتمع، بتحقيق الوحدة في إطار التنوع الثقافي، ونشر فلسفة "قبول الآخر"، بما يقضي علي الاستقطاب الحاد (أخطر ما يهدد الأمة المصرية).
6- إقامة أنشطة ثقافية (ندوات ومحاضرات ومسابقات ومعارض) علي هامش المكتبة بما يمثل تدفقاً حياً للفكر ودعم قيم ثورة يناير 2011 المجيدة.
7- تطبيق حق المواطن في الحصول علي المعلومات، خاصة في المجتمع المحلي.
8- تشجيع لذة الاكتشاف، وإزالة الغبار عن العقل بجلو الحاسة النقدية، ومحو الصدأ عن القلب لينبض بالحق من جديد. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استعنت في صياغة بعض العناصر السابقة بصفحتي 191 و 192 من كتاب (مجتمع المعلومات بين النظرية والتطبيق – د. محمد فتحي عبد الهادي – الدار المصرية اللبنانية)

مقالاتي بجريدة الجمهورية اليمنية



نشرت بقلمي جريدة الجمهورية اليمينة مجموعة من المقالات ولم أكن قائماً بمراسلة الصحيفة بل قامت بإنتقائها من صفحات الإنترنت، مما اعتبرته تقديراً من الصحيفة عبر السنوات الماضية، وفؤجئت بنشرهاورقياً وكانت مفاجاة سارة عبر السبيل رقمي ورقي 
http://www.yemeress.com/author
?name=%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF+%D8%AC%D9%88%D8%AF%D9%87+

أقرأ 21 كتاباً فتكون قد قرأت 110 كتاباً بالتمام والكمال

مجموعة كتب جميلة جداً للمؤرخ د. محمد الجوادي عبارة عن مدارسات تاريخية ونقدية لعدد من كتب المذكرات عبر فترات تاريخية واحدة، ولنوعية واحدة من أصحاب هذه المذكرات، وترجع أهميتها للتالي:
1- التأريخ من خلال شخصيات صانعه للقرار ومؤثرة في الأحداث تمنحنا التفاصيل ودقائق الأحداث وتكشف حجب التاريخ الصحيح أمام نظر القراء، بما يعطي صفة التوثيق.
2- أنه بمطالعة عدد 21 كتاباً نكون قد طالعنا 110 كتاباً من كتب المذكرات الهامة، كما ان العرض ليس مختصراً بل يستغرق متوسط من 40 إلي 50 صفحة لكتاب المذكرات الواحد.
3- أنه يوجد نظره نقدية من الكاتب مع ربطها مع غيرها وتحليلها 4- أن بعض هذه المذكرات علي أهميتها لم يكن مشهوراً وبعضها منشوراً في صحف فقط علي حلقات مسلسلة وأحياناً تكون صحف غير مشهورة.
5- تقدم مجموعة الكتب بانوراما تاريخية وثقافية ممتعة وتمثل بحق كتب عن كتب



الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

الكتب قطعة من لحمي


(منذ ستين سنة وأنا أقلب الكتب في يدي وألمسها برفق وأسويها بحنان .. حتي أصبحت قطعة من لحمي .. أنني أري بين سطورها النور الذي يبدد كل ظلام يعم البشرية ...)
القاص (محمود البدوي) علي لسان (حامد) مجلد الكتب في قصته (الورقة)

قائمة قراءات القاص (محمد عاشور هاشم)