الخميس، 25 ديسمبر 2014

خبر سار: الشاعر أحمد علي ُعكه يطل علينا من شباك أم رضا

الشاعر أحمد علي ُعكه يطل علينا من شباك أم رضا



حيث أن شباك أم رضا يعطي مذاقاً شعبياً، كما يكشف عن الحكى

والأحاديث التي تدور عبر الشبابيك في منتدي شعبي أزلي، كما 

يعطي فكرة عن الحكمة التي تنطق بها السيدة أم رضا لن بها 

الأمومة التي نتحصن بها من عواصف الأيام.

فعن الهيئة العامة لقصور الثقافة، صدر مؤخرا ديوان شعر بالعامية المصرية للشاعر أحمد على عُكة وهو صوت شعرى متميز، استطاع أن يجد لصوته مكانة خاصة فى القصيدة الجديدة، لايقلد أحدا ، له لغته السهلة البسيطة ، وأدواته وعالمه الخاص، يجهد نفسه بحثا عن مفردات ودلالات جديدة، من خلال رؤية تجيد اقتناص اللحظة وتقديمها فى عفوية ظاهرة لا تخلو  من العمق والبعد الفلسفى، وتخاطب وجدان وعقل المتلقى فى رقة ورهافة إحساس ، لما تحمله من مشاعر تنفذ الى القلب مباشرة، الديوان يستحق القراءة والتأمل والبحث خلف الأبيات عما يخفيه الشاعر ولا يبوح به بسهولة، وربما احتاج ذلك لإعادة تأمل القصائد مرات عديدة ، من قصائد الديوان : بيحدف أحلامه بالطوب، لسه فاكر كل حواديته، انطونيو كوين بيقلد جدك، دلوقتي حاسس بالأمان، فانوسي خايف م الضلمة، على قهوة الأزهر، نص رغيف مش لاقي نصه التاني، طوابير واقفة تشتري بجنيه أحلام.

عطر يبقى: ذكريات الصالون الثقافى بعنوان (أزمة القراءة)، وضيف الصالون الشاعر الكبير المنجى سرحان


عطر يبقى:
ذكريات الصالون الثقافى بعنوان (أزمة القراءة)، وضيف الصالون حينها الشاعر الكبير المنجى سرحان (رحمه الله)، جرت وقائع الصالون بتاريخ 13 فبراير 2009



في صالون ثقافي ناجح – بفضل الله تعالي – تمت فعالياته بنادي مدينة السادس من اكتوبر شرفت بتنسيقه وإدارته، ناقش موضوع أزمة القراءة، وقد شرفنا لمناقشة الموضوع ضيوف الصالون وعلي رأسهم الشاعر الكبير المنجي سرحان عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر وقد تحدث عن الموضوع قائلا انه موضوعا حيويا خاصة وهو يتعلق بوسائل الحصول علي المعرفة، خصوصا الكتاب الذي هو الوسيلة المعرفية الأساسية وهو الملك المتوج علي عرش المعرفة، لكن حدث في الفترة الأخيرة ان نافس الكتاب علي مكانته وسائل أخرى، وقدم دليلا علي ذلك من خلال إحصائية تم نشرها في مجلة عالم الكتاب عام 1996م ذكرت أن نصيب الفرد في روسيا الاتحادية من المطالعة يصل إلي 7 كتب في العام وفي الولايات المتحدة الأمريكية 6.5 كتاب، أما نصيب الفرد العربي فيصل إلي سطرين من كتاب فقط في العام، والكتاب هنا هو متوسط في حدود 160 صفحة، وقد أرجع الأسباب الأساسية لهذا الأمر هو ظهور الوسائل التكنولوجية الحديثة وعلي رأسها الإنترنت، كما تحدث أنه نشأ في قرية كان الشباب فيها يتنافس في القراءة، يقول "لم يكن هناك ما يلهينا عن القراءة"، كما كانت هناك سلاسل ثقافية متاحة للجميع قدمت لهذا الجيل زاداً معرفياً، كما تحدث عن صديقه الذي كان يزيل أجاباته في الإمتحانات بقوله "كان للقراءات الخاصة تقدير خاص"، ومن الأسباب أيضا التي تحدث عنها غياب دور الأسرة في تغذية أفئدة أبنائها بحب الكتاب، وأيضا ضعف الرسالة الإعلامية ووجود أشياء منها لا يمكن توصيفها حيث تهدم أشياء كثيرة جداً، كما أننا شعب نامي نحتاج لتنمية أنفسنا ولا نكتفي باخذ القشرة السطحية من الحضارة، وتحدث عن أسلوب الحل المقترح فشرح كيف يمكن ان نستعيد قدرتنا علي القراءة ومن تلك الوسائل :
·        إصلاح المنظومة التعليمية لتنمية مواهب الأطفال الصغار.
·        إعداد المعلم المهتم بتثقيف تلاميذه.
·        ممارسة الأسرة لدورها كما ينبغي.
وقد علق ضيف الصالون الشاعر سامح القدوسي: أن الكتاب المقروء قد تراجعت مكانته ونافسه الكتاب الإلكتروني ليس هذا وفقط بل تراجعت بصفة عامة وسائل التثقيف، أما الشاعر منصور الذوق فقد صنع مداخلة ساخنة تحدث فيها حول أن موضوع الأزمة الاقتصادية ودورها في أزمة القراءة هي شماعة نعلق عليها فشلنا وقال ان المشكلة الحقيقة في قاطرة الثقافة نفسها حيث تحولت العملية من الإبداع إلي كراسي يود أصحابها من المثقفين أن لا يدعوها، أما الباحث معتز محسن عزت فقد تحدث عن العلاج بالقراءة وكيف أنها وسيلة حديثة يحتاجها الصحيح قبل المريض وأنها وسيلة مهمة. كما تحدث عن الجوائز التي كان يرصدها الأغنياء لتشجيع الثقافة ومنها جائزة قوت القلوب الدمرداشية والتي فاز بها نجيب محفوظ وعلي أحمد باكثير وغيرهم، أما د. محمد صالحين نائب مقرر اللجنة الثقافية فتحدث أن الكلام إذا لم يترتب عليه عمل فهو بلا قيمة وأشار لضرورة توفير الكتاب في كل مكان، أم مهندس صبري النجار مقرر اللجنة الثقافية فتحدث عن كيفية غرس حب القراءة في الناس.
 ثم تم ختام الصالون الزاهر بإلقاء السادة الشعراء محمد عادل إدريس وهشام سلطان ومنصور الذوق وعادل عثمان وسامح القدوسي والأستاذ المنجي سرحان بعضا من قصائدهم التي أمتعت الحضور ثم تفضل العقيد أشرف نائب مدير عام النادي والمهتم بالأدب والذي قدم في الصالون أيضا مداخلة قيمة ومعه مهندس صبري بتقديم درع النادي إلي الأستاذ المنجي سرحان كرمز تقدير من النادي لشخصه الكريم.
 كما شرف الصالون بالحضور رئيس مجلس إدارة النادي مهندس محمد طاهر ولفيف من السادة الكرام أعضاء النادي
 وختاما أقدم لحضراتكم القطوف التي قمت بتقديمها كفواصل بين الفقرات:
 ·        سئل " بزر جمهر " : ما بلغ بكتبك ؟ فقال : " هي إن سررت لذتي ، وإن اهتممت سلوتي "
·   وقال المصلح الكبير جمال الدين الأفغاني : " لا تطيب نفس الإنسان إلا إذا علم بعض العلم " وطالما تحدثنا عن الأفعاني فلنعلم أنه كان محبا للعلم مولعا به ، فكان يواصل الليل بالنهار في المطالعة والدرس وكان لا ينام إلا والكتاب إلي جواره .
·   وكان الفتح بن خاقان مغرما بالكتاب حتي أن الكتاب كان لا يبرح أبدا حزامه أو طماق حذائه ( علي حد قوله هو ) حتي عند دخوله المغسلة .
·   ومن الحيل العجيبة التي لجا إليها العالم " السجستاني " انه كان يلبس أقمصة ذات أكمام واسعة جدا ليتمكن من حمل كتب ضخمة بداخلها .
·   وكانت زوجة العلامة " الزهرى " تقول " والله أن هذه الكتب لأشد على من ثلاث ضرائر " ، وذلك بعد أن ضاقت ذرعا بإقبال زوجها الكلى على كتبه الكثيرة والتي ملأت أركان البيت ( كشأن أصدقاء الكتب ) ،  ومثل هذه المقولة قالتها زوجة الأديب الكبير " إبراهيم عبد القادر المازني " عندما انشغل بمتعة القراءة عن ليلة عرسه ، وهو الذي كان يقول : " كنت قول لأمي : لك مؤونتك من السمن والعسل والأرز والبصل والفلفل والثوم ، ولى مؤونتي من المتنبى والشريف الرضى والأغانى وهازليت وثاكرى وديكنز وماكولى ، ولا غنى بك عن سمنك وبصلك ولا بي عن هؤلاء "
·   والمازني نفسه نجده يقول : " وأنا مع ذلك أقل الثلاثة  - العقاد وشكري – اطلاعا وصبرا علي التحصيل ، وأدع للقارئ أن يتصور مبلغ شرههما العقلي ، ولا خوف من المبالغة هنا ، فإن كل ظني دون الحقيقة التي أعرفها عنهما ، وأنا أجتر كالخروف ، ولكنهما يقضمان قضم الأسود ، ويهضمان كالنعامة ، فليتني مثلهما !! "
·   أما أناتول فرانس فيقول : " خير تعريف للكتاب في نظري أنه عمل من أعمال السحر ، تخرج منه أشباح وصور ، لتحرك كوامن النفوس وتغير قلوب البشر "
·   ونعود مرة أخرى لنموذج اخر فى العصر الحديث : وهو الأدباتي الأشهر " عبد الله النديم " – خطيب الثورة العرابية – يعود فى صغره من كتابه بالاسكندرية ليساعد والده فى مخبز يبيع فيه الخبز .. فكان يعمل ويستذكر دروسه ويداوم مطالعاته على صغر سنه فى كتب الادب والشعر وذلك على ضوء جمار الفرن .
·    وهذا آخر لم يمنعه العمى عن لذة الأدب  والثقافة : " فى ملحق " عكاظ " العدد ( 10262) فى 7-4-1415هـ ، مقابله مع كفيف يدعى " محمود بن محمد المدنى " ، درس كتب الأدب بعيون الآخرين وسمع كتب التاريخ والمجلات والدوريات والصحف ، وربما قرأ بالسماع على أحد أصدقائه حتى الثالثة صباحا حتى صار مرجعا فى الأدب والظرف والأخبار " .
·        وهذ ( هيوم ) يقول : " لا أريد أن أنال فوق ما نلت ، عندي من الكتب ما يمنحني راحة النفس "
·        وهذا ( ماكولي ) يقول : " لو خيرت بين حالات عدة ، لآثرت حجرة صغيرة مليئة بالكتب "
·   وكلنا يعرف الأسرة التيمورية وهى أسرة بكاملها من الأدباء الممتازين ، يقول عميدها " اسماعيل السيد محمد تيمور الكاشف " : " أني لاستحي أن يقع في يدي كتاب ولا أطالعه " فليستمع الأديب الذي يرنو نحو طريق الكتابة وعشق الأدب ، لا تترك شيء دون أن تقرأه
وهكذا كانت صداقتهم لخير صديق – الكتاب ، فكيف كانت صداقتنا ؟!
·   هناك العديد من الإحصائيات تشير إلي ضعف مقدرة القراءة بل تصل إلي درجة العدم مع الأجيال الجديدة منذ عقود مضت ، ففي صحيفة الأخبار الصادرة بتاريخ 13/10/2005م أنه في دراسة نشرها مركز دراسات الوحدة العربية أفادت أن متوسط القراءة الشهري لدي المواطن العربي ربع صفحة من كتاب في حين يرتفع هذا المعدل لدي المواطن الأمريكي لتصل إلي ( 11 ) كتابا كاملا ، والبريطاني إلي سبع كتب ، ولعل هذا لايدهش بالمرة عندما نتم قراءة الخبر حول أن نسبة إنفاق الدول العربية مجتمعة علي الأبحاث العلمية لا تتجاوز 1% بأي حال من الأحوال من إجمالي ميزانياتها .
·   وتحدثت الأديبة الراحلة نعمات البحيري مرة حول أزمة القراءة فقالت إن منتجي الأدب هم مستهلكوه ، وياليت الأمر كذلك فبعض الأدباء يجمعون الكتب دون أن يطالعوها ولا يطالعوا حتى لبعضهم البعض .



عندى من الكتب ما يمنحنى راحة النفس


الأفكار ثمار الكتب


اليد السحرية


الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

مذاق الكتب


ياقوت ... مرجان ... كتب


قديم جديد


السحر الحلال


بيت بلا كتب ... جسد بلا روح


مهندس البيان: أحمد حسن الزيات




حياة العلامة أحمد امين في حياتي




حياة أحمد أمين في حياتي

يعتبر كتاب«حياتي» للمفكر الدكتور« أحمد أمين» رحمه الله من أمتع كتب السيرة الذاتية التي صدرت خلال النصف الثاني للقرن العشرين ذلك أن المرحوم أحمد أمين بما فطر عليه من حس علمي وتفكير موضوعي دقيق استطاع أن يعرض ويؤرخ لا لمسيرته العلمية والفكرية فحسب وإنما كان عرضاً حراً ينشال بالحياة ويزخر بالمشاهد والصور قديماً وحديثاً فكان صورة ناطقة لتاريخ جيل وحقبة مهمة من حقب النهضة العربية الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وقد عرض فيه لمختلف مراحل حياته وسيرته الفكرية والعلمية مبتدئاً بالبيئة التي ولد فيها ومنتقلاً لدراسته وتعليمه والمناصب الوظيفية والرسمية التي تقلدها وزواجه وأسرته وأحزانه والدراسات الفكرية والعلمية التي حققها ونشرها عابراً أثناء ذلك أجواء التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع المصري مسجلاً خلاله لملاحظاته العميقة والهادفة على مختلف مناحي الحياة وجوانبها، ثم مرحلة الإحالة على المعاش والمرض وما انتهى إليه من فلسفة في الحياة والأحياء، كل ذلك بأسلوب علمي مبسط مشرق خال من الحشو والتعقيد.

ولادته:

ولد أحمد أمين في الأول من شهر أكتوبر لعام 1886م، أي بعد الاحتلال البيرطاني لمصر بأربع سنوات وهي فترة مضطربة أشد الاضطراب في التاريخ المصري الحديث واستمر أثرها طويلاً في الأحداث التالية لهذا الاحتلال.

والده:

والده هو الشيخ إبراهيم الطباخ وفيما بعد فقد ضاعت نسبته إلى الطباخ واشتهر باسمه الأول وهو أحمد أمين فقط وهو في الأصل من بلدة سخراط من أعمال البحرية وينتمي لأسرة من الفلاحين المصريين إلا أن مظالم السخرة وظلم تحصيل الضرائب أخرجه هو وأخوه الأكبر من بلدتهما تاركين أطيانها حلاً مباحاً لمن يستولي عليها ويدفع ضرائبها، وقد سكن الأخوان في بيت صغير في حارة متواضعة في حي المنشية بقسم الخليفة في القاهرة وهو أكثر أحياء القاهرة عدداً وأقلها مالاً وأسوأها حالاً، وسرعان ماصار الأخ الأكبر صانعاً كسوباً ووجه أخاه الأصغر أبو أحمد أمين إلى التعليم في الأزهر حيث تقدم في دراسته الأزهرية وعمل مصححاً بالمطبعة الأميرية ببولاق أحياناً ومدرساً في مدرسة حكومية وإمام مسجد، وكان يحب نسخ وجمع الكتب المختلفة من تفسير وفقه وحديث وكتب اللغة والأدب والتاريخ مما كان له أثر كبير في بذور الثقافة الأولى التي تلقاها أحمد أمين وتركت في نفسه أثراً مفعماً وعميقاً.

بيته وحارته:

كان بيت أحمد أمين هو أول مدرسة تعلم فيها دروس الحياة وكان طابع البيت البساطة والنظافة، وكان البيت محكوماً بالسلطة الأبوية المطلقة وكان اهتمام الأب بتعليم أبنائه فائقاً تشم رائحة الدين في البيت ساطعة زكية، ويربي الأب أبناءه تربية دينية ملتزمة منتظمة فيوقظهم لصلاة الفجر ويراقبهم في أوقات الصلوات الأخرى ويسائلهم متى صلوا وأين صلوا ويصوم رمضان ويزكي ويحج البيت الحرام، وعن هذه المرحلة يتحدث أمين بقوله: «وبعد فما أكثر ما فعل الزمان لقد عشت حتى رأيت سلطة الآباء تنهار وتحل محلها سلطة الأمهات والأبناء والبنات واصبح البيت برلماناً صغيراً ولكنه برلمان غير منظم ولا عادل فلا تؤخذ فيه الأصوات ولا يتحكم فيه الأغلبية ولكن يتبادل فيه الاستبداد فأحياناً تستبد فيه الأم وأحياناً البنت أو الابن قلما يستبد الأب وكانت ميزانية البيت في يد صراف واحد فصارت في أيدي صرافين وتلاعبت بها الأيدي وكثرت مطالب الحياة وتفرعت ولم تجد واحداً يعدل بينها ويوازن بين قيمتها فتصادمت وتخاصمت وكانت ضحيتها سعادة البيت وهدوؤه وطمأنينته.
وكانت الحارة التي نشأ فيها هي مدرسته الثانية وينتقل بنا الأستاذ أحمد أمين إلى عرض نابض بالحياة للحارة التي قضى طفولته ومراهقته فيها حيث كانت الحارة تمثل الحياة القاهرية المصرية في صميم واقعها قبل أن تغزوها المدنية المعاصرة حيث تمثل في تركيبتها السكانية الواقع الطبقي للمجتمع المصري آنذاك، وما يصاحب هذا الواقع من أخلاق وسلوكيات وأنماط معيشية واقتصادية وترفيهية.في الكُتاب: يذهب أحمد أمين في طفولته المبكرة إلى الكُتاب لتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن، ولا يخفى على القارئ المرارة في حديث الأستاذ عن هذه الكتاتيب حيث كانت تقوم في أماكن كئيبة ومظلمة وتمارس في التعليم أساليب عقيمة من ضرب وتعليق وزجر ونهر تميت الروح والجسد وتؤدي في النهاية إلى كره الطفل للعلم والتعليم وتنفيره منه بل الخروج من الكُتاب إلى غير رجعة ثم ينتهي من ذلك كله إلى مقارنة بين تعليم الأطفال في سن طفولته والتعليم الحديث في رياض الأطفال حالياً والفرق الشاسع والبون العظيم بين العمليتين والتربويتين على أنه يخشى أن يكون هناك إفراط في الخشونة في أيامه وإفراط في التنعيم على أيام أبنائه.

في المدرسة والأزهر:

خرج أحمد أمين من الكتاتيب الكريهة كما دعاها ذات الأساليب العقيمة إلى المدرسة الابتدائية حيث دخل مدرسة «أم عباس» أو كما تدعى رسمياً« والدة عباس باشا الأول» وكانت مدرسته نموذجية بنيت على أحدث طراز وأجمله، حيث ارتدى أحمد أمين بدلة حديثة بدلاً من الجلبات وطربوشاً عن الطاقية وأحس علو القدر ورفعة منزلته عمن كان يختلط بهم من تلاميذ الكتاب وأبناء الحارة، وكان التعليم في المدرسة يتم وفقاً لأحدث الأساليب التربوية آنذاك حيث تعلم فيها الجغرافيا والتاريخ والحساب واللغة الفرنسية، على أنه صرف عن التركيز على دروسه المدرسية بما أعده له أبوه من برنامج غريب ومتناقض محتواه العلوم التقليدية من نحو وصرف وبلاغة... الخ، مبعثه حيرة الوالد في مستقبل ابنه هل يوجهه إلى التعليم الديني في الأزهر أم التعليم المدني من ابتدائي إلى الثانوي ثم إلى الجامعة وهو برنامج مرهق صعب التحمل لتناقضه وإرهاقه النفس والبدن وعدم القدرة على الجمع بينها، وعلى كل حال يمضي أحمد أمين أربع سنوات حافلة في هذه المدرسة ثم يستخير الوالد الله سبحانه ويخرجه من المدرسة إلى الأزهر.وهاهو ذا أحمد أمين في الرابعة عشر من عمره يلبس القباء والجبة والعمة والمركوب بدل البدلة والطربوش والجزمة ويكون منظراً غريباً على من كان يراه سابقاً بملابسه الحديثه مما سبب له ضيقاً وخجلاً وإحراجاً ويحس بالعمامة تقيده وتمنعه من المرح واللعب والجري وبأنه شاخ قبل الأوان والطفل إذا تشايخ كالشيخ إذا تصابى كلا المنظرين ثقيل بغيض كمن يضحك في مأتم أو يبكي في عرس.
ويصل إلى الأزهر استعداداً للدرس وطلب العلم حيث يرى حلقات الطلاب مستديرة أمام كل شيخ والشيخ يقرأ ويفسر ويقرر والطلاب منصتون أو يجادلون الشيخ فيما لا يفهمون، ويخرج إلى صحن الأزهر فيراه سماوياً غير مسقوف ومبلطاً غير مفروش والخبز منشور على الملاءات ليجف، ويعقد أحمد أمين مقارنة حزينة في ذات نفسه بين مدرسته القديمة والأزهر الجديد عليه، ثم يصف نظام التعليم بالأزهر آنذاك وكان نظاماً حراً لا يعني بالطالب فيه وشأنه فإذا لم يرزق بمرشد يرشده غرق في هذا البحر الذي لا ساحل له إذ لا حضور ولا غياب ولا امتحانات ولا يسأل أحد الطالب ماذا صنع وكان توقيت الدروس بمواقيت الصلوات.وفي الأزهر يتعرف على شخصية المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله ويتأثر بآرائه الإصلاحية ولو أنه حضر دروسه لمدة قصيرة.

في طنطا والإسكندرية:

لم يمكث احمد أمين في الأزهر سوى سنوات معدودة أحس بعدها بظلام المستقبل وطول الطريق بغير جدوى، وهاهو يحاول أن يعثر على وظيفة مدرس بطنطا فيتقدم إليها ويسافر إلى طنطا باكياً شاكياً من فراق بيته وأهله ويتعثر الفتى في طنطا وتضطرب أموره وتفكيره فيستقيل ويعود إلى القاهرة بعد شهر ويسجل احمد أمين عجبه من مقارنة حاله وابنائه في سنه تلك حيث يسافرون ويعودون فرحين مغتبطين غير عابئين بشيء فيعجب لسرعة تطور الجيل في الزمن القصير.وبعد سنتين من سفره إلى طنطا يعثر على وظيفة مدرس في الإسكندرية بمدرسة«راتب باشا» وقد كانت هذه الخطوة نقطة تحول في حياته إذ التقى في الإسكندرية بمعلمه الثاني بعد أبيه الشيخ عبدالحكيم بن محمد وكان شيخاً مدرساً فاضلاً ذا بصر وخبرة بالدين والدنيا وأهلها ومن ثم استفاد من شيخه فوائد جمة وأخرجته صحبته له من عادات وأفكار كثيرة، وتعلم الدنيا التي ليست في الكتب وبالجملة فقد كانت فائدته من أستاذه كبيرة في مستقبل حياته.

في مدرسة القضاء الشرعي:

في عام 1907م تقرر افتتاح مدرسة القضاء الشرعي بعد اقتراح ذلك من قبل المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله لتخريج قضاة شرعيين مؤهلين تأهيلاً علمياً حقيقياً وصالحين للغاية من إعدادهم وتقدم أحمد أمين إلى المدرسة وتم قبوله بعد لأي لقصر نظره، ويدرس العلوم الإسلامية والفقهية والبلاغة والأدب والتاريخ إلى جانب العلوم الحديثة كالجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة ويقضي فيها أربع سنوات في القسم العالي وينجح بتفوق بعد امتحان عسير لا رحمة فيه ويعين معيداً في مدرسة القضاء بعد تخرجه فيها بعد أن عين قاضياً في الواحات لمدة قصيرة حلاً لمشكلته المزمنة مع قصر النظر، ولعل أهم ما استفاد في مدرسة القضاء هو تعرفه وتأثره بشخصية مشهورة من شخصيات عصره هو عاطف بك بركات ناظر مدرسة القضاء، فقد وجد فيه الأبوة الروحية الحقيقية نظراً لما اشتهربه عاطف بك من حزم وبصيرة ورؤية نافذة هذا مع التزام الحق والعدل حتى في أمس الظروف وأحلكها، خاصة أن أحمد أمين قد عين معيداً في مادة الأخلاق التي كان يدرسها عاطف بك وبذلك توثقت العلاقة أكثر بين الأستاذ وتلميذه وخلال هذه المرحلة أحس بحاجته الشديدة إلى تعلم لغة أجنبية تكون معيناً له على استكمال ثقافته وانفتاحه الحضاري وبناء شخصيته العلمية ولينظر إلى الدنيا بعينين لا بعين واحدة.

يتعلم اللغة الإنجليزية:

ابتدأ أحمد أمين تعلم الإنجليزية وهو شاب في السابعة والعشرين بعد أن جرب حظه في تعلم الفرنسية فأخفق، وابتدأ بالكتب الدراسية في مدرسة برلتز ثم انتهى به المطاف إلى سيدة إنجليزية في الخامسة والخمسين من عمرها تدعى «مس بور» قضى معها بضع سنوات ووجهت إليه كامل عنايتها من الناحية التعليمية ومن الناحية التربوية حيث عنيت بتدريب ذوقه وإحساسه بالجمال والطبيعة من حوله وكانت تردد عليه دائماً« تذكر انك شاب» إلا أن هذه السيدة الفاضلة قد أصيبت بمرض عقلي رحلت على أثره إلى بلادها وانقطعت علاقته بها منذ ذلك الحين وقد وفق بعد ذلك في معرفة سيدة إنجليزية شابة وزوجها فكان يعلمها العربية وتعلمه الإنجليزية وتغذي أحاسيسه برقتها وصفائها وطهارتها، واجتاز هذه المرحلة فصار وكما قال بعد أن كان ينظر بعين صار ينظر بعينين، واستفاد من ذلك بسعة الأفق والسياحة الحضارية في الثقافة العالمية وانعكس ذلك وكان أثر ذلك واضحاً جلياً في أسلوبه المباشر المشرق البسيط.

المدارس الفكرية وبدايات النشر:

ثم يستطرد الأستاذ أحمد أمين في تجاربه الحياتية حيث يجمعه القدر ببعض الخريجين من جامعات فرنسا وجامعات بريطانيا حيث يستفيد من تجاربهم وخبراتهم ويشاركهم في أحاديثهم وأفكارهم فتكون مائدة من طعوم مختلفة ويتم الاتفاق بينهم على تأليف لجان متعددة تعنى بشؤون مصر المختلفة تبحث أوضاعها فلجنة للناحية السياسية ولجنة للنواحي التعليمية وهكذا... وعصفت الأحداث بهذه اللجان الواحدة تلو الأخرى ولم يثبت منها سوى لجنة التأليف والترجمة والنشر والتي كانت مناراً مضيئاً في سماء الثقافة والعلم لا في مصر وحدها بل الشرق العربي كله.

زواجه وأسرته:

ثم يتحدث بعد ذلك عن الزواج وتجربته الحياتية والوجدانية مع هذا الحدث الهام في حياة كل إنسان واصفاً كيف كان الزواج في بيئته وطبقته في ذلك الزمان وما لقيه من العنت والمشقة حتى وفق أخيراً إلى الزوجة التي ارتضاها ورضته وكيف وقفت عمته وزيه الديني عائقاً في سبيل زواجه نظراً لقصور نظر الكثيرين وتركيزهم على المظهر دون المخبر.وحياته الزوجية بصورتها الإجمالية اليومية ورأيه في كثرة النسل وقلته وما يؤدي إليه ذلك من رقي الأمم وتأخرها وكيف تغلب رأي الزوجة ومعارفها على رأيه من ناحية كثرة الأولاد، وكذلك بعض المشاكل الأسرية كمشاكل الخدم وما لقي منها وكيفية التعامل مع السيدات وأن العقل والمنطق الخاص هو آخر ما يتم التفاهم به معهن وذلك لغلبة العاطفة والشعور والإحساس على تكوين المرأة.ويقوم بتربية أولاده ويعني بالولد الأول لظنه بأنه سوف يكون قدوة لبقية أخوته وكيف كان قاسياً في تربيته لأولاده الأولين ثم كيف تغيرت معاملته لهم بالزمن وأنه لم يجد فرقاً يذكر بين أولهم وآخرهم.

أحمد أمين والحركة الوطنية:

شارك أحمد أمين كمعظم أبناء جيله في الأحداث السياسية التي عصفت بمصر بعد الحرب العالمية الأولى إبان مراحل الكفاح الوطني ضد الاحتلال الإنجليزية كما شارك بفعالية وحماسة في هذه الحركة الوطنية وعن طريقها تعرف إلى معظم القياديين الوطنيين إبان تلك المرحلة من تاريخ مصر. كسعد باشا زغلول وعاطف بك بركات وغيرهم

 ولا تمر تلك المرحلة من حياته بسلام فها هو ينقل من مدرسة القضاء بعد أن كان أستاذاً بها إلى القضاء قاضياً شرعياً بمحكمة قويسنا الشرعية ومع ذلك فلم يستمرئ القضاء ولم يسعد به فكل ماكان يمر به ويراه أرحام تقطع وأسر قد خرجت وقد استفاد من عمله في القضاء الدراسة الاجتماعية ومشاكلها، وكان لا يعول في أحكامه القضائية على مرافعات المحامين وتزويقهم وإنما يعمد إلى حل المشاكل الأسرية من أطرافها مباشرة ومن ثم معالجتها بالنصح والتوفيق والصلح أو بالفراق إذا لم يكن جدوى من الصلح.ثم يعلق على منصب القضاء الشرعي بما يحلو له من ملاحظات واستنتاجات عقلية واجتماعية استوعبها عقله الذكي الحساس أثناء فترة عمله قاضياً لأربع سنوات متتالية.

أحمد أمين والحياة الأكاديمية:

توفي والد الأديب أحمد أمين وهو قاضٍ شرعي ومن بعده أستاذه الروحي عاطف بك بركات وبنفوذ صديقه «طه حسين» عميد الأدب العربي يعين الأستاذ أحمد أمين أستاذاً بكلية الآداب بالجامعة المصرية ويدخل بذلك إلى العالم الأكاديمي وهو عالم غريب عليه كل الغرابة إذ بدأ حياته العلمية أزهرياً ومن ثم أتم دراسته في دار القضاء وعمل في التدريس فيها قاضياً وهاهو ذا يحتل مكانه كأستاذ في كلية الآداب بين أساتذتها المصريين والإنجليز والفرنسيين والبلجيك وينتظم في سلكهم ويلاحظ اضطراب الجو الدراسي وكون النسيج الجامعي مهلهلاً في كلية الآداب وهو يستفيد من تجاربه الأكاديمية من حيث الكيف والكلم ويلاحظ أجواء الصراع في الكلية وتداخل السياسة والعلم.
ثم تحدث أعجوبة في حياته على حد تعبيره إذ يعين عميداً لكلية الآداب ويغرق حتى لجة رأسه في الأعمال الإدارية الروتينية فحتى شراء مكنسة يعرض عليه ويظل عميداً للكلية لمدة سنتين ثم يحدث ما يسبب استقالته من العمادة فيستقيل ويعود إلى عمله العلمي بين الكتب والبحث العلمي.وإذ ذاك تسفر له الحياة عن وجه قبيح من وجوهها المتعددة من إنكار للجميل والطعن في الظهر والتنكر لرابطة الأستاذية التي يراها رحمه الله من منظوره الخاص أقوى الروابط وأجلها بين الناس، وكان ذلك درساً من دروس الحياة لا ينسى.

رحلاته :


وأثناء عمله بكلية الآداب يقوم برحلات متعددة إلى العراق والشام ويمر بتلك الديار وهي في طور النهضة العربية الحديثة والانعتاق من ربقة المستعمر البغيض ويسجل انطباعاً ومشاهداته عن تلك الأقطار ولا ينسى أن يسجل آلامه لتخلف بلاد العرب وعدم استغلالها لثرواتها قدراتها نحو النهضة وما تعانيه من أدواء وأمراض في الاقتصاد والأخلاق والمجتمع والساسة ويسجل ما يراه من اقتراحات علمية وواقعية لتطوير بلاد العرب والنهوض بها نحو الرقي والأخذ بأسباب الحضارة.
ويزور أوربا بعد ذلك ضمن وفد مصر إلى مؤتمر فلسطين باقتراح من صديقه الأستاذ العلامة أحمد لطفي باشا السيد وزير الخارجية المصرية آنذاك، ويسافر ويركب الطائرة لاول مرة في حياته فيصف انطباعه ومشاعره آنذاك ويصل إلى لندن وتبدأ المفاوضات ويتقدم فيجد نفسه على المائدة أمام مستر بيقن وزير خارجية بريطانيا ومعه وزير المستعمرات البريطاني وتنتهي المفاوضات من دون نتيجة تذكر، وتكون فرصة للأديب والعالم أحمد أمين ليزور بريطانيا ويتعرف على جوانب الحياة فيها والنواحي السلبية والإيجابية لهذه البلاد ولا ينسى أن يسجل إعجابه بالتنظيم الدقيق لحياة الإنجليز والروح الديمقراطية التي يتميز بها هذا الشعب الحضاري، وتلك الحياة الهادئة المنظمة المريحة التي يحيونها ولا يفوته أن يسجل تعجبه واشمئزازه من هذا التباين الصارخ بين حياة الإنجليز في بلادهم وسياستهم في المستعمرات

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

خبر سار: افتتاح معرض كتاب دائم بمدينة السادس من أكتوبر




نتقدم بالتهنئة للكاتب الصحفي والناشر/ مصطفي عبد الرازق بمناسية افتتاح معرض (كتبخانة) الدائم للكتاب الثلاثاء الموافق 23-12-2014، وهي لا شك إضافة ثقافية هامة لمدينة السادس من أكتوبر ومحبى الثقافة.

من كتاب مراثي الشاعر المنجي سرحان - بقلمي



من كتاب مراثي للشاعر الكبير المنجي سرحان
خالد جوده أحمد
فقدت الحياة الثقافية والأدبية أمس الأربعاء الموافق 17/12/2014، فارس من فرسانها الكبار، واحد الشعراء الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية والأدبية، وفي مجال العمل الثقافي بعامة، إضافة إلي عطائه الإنساني الكبير في الجماعة الأدبية بمصر والعالم العربي، الشاعر الكبير المنجي سرحان، وكان للشاعر صلته العريضة بصناعة الكتاب علي المستوي المهني، وعلي مستوي النشاط الثقافي، حيث كان لعدة سنوات مسئولاً عن لجنة النشر باتحاد كتاب مصر التي أخرجت سلسلة كتاب الإتحاد المميز من خلال بروتوكول للتعاون بين الاتحاد والهيئة العامة للكتاب، كما شغل مدير تحرير مجلة عالم الكتاب، ويتحدث (رحمه الله) في مقولته الجميلة عن مولد الكتاب بانه عبير الألوان وغناء المعرفة حين تدور آلة الطبع لإخراج فكره أو إحساس إلي نور المعرفة والعلوم الإنسانية، أما عن جانب من سيرته الثقافية فقد ولد عام 1955 بمدينة سوهاج، وبعد اتجاهه لدراسة الهندسة تركها لدراسة الأدب واللغة وتخرج من آداب سوهاج 1980، ثم حصل علي ماجستير النقد الأدبي، وله عدد من الدواوين الشعرية (حين يدق صمودك بابى – 1979، عائد إليك – 1987، قراءة في كتاب النخيل – 1992، الولد البرى – 1999، من كتاب المراثى – 2012)، والشاعر علامة في جيله، حيث أن فكرة الأجيال الأدبية والعلامات الشعرية المميزة في آفاقه تكون معدودة في كل نوع أدبي، وكان له رؤيته في هذا الإطار عن نوع من الشعراء اصحاب موهبة بسيطة، ونفهم رأيه حول الشعر بمفهوم المخالفة يقول: (وبقى الاخرون في دائرة القصيدة المتاحة أو المكتملة فنيا ولكنها تقع في إطار المتاح الذي لا يستشرف تصوراً فنياً أو ينحو تجاه التجديد حتي لو كان هذا التجديد في إطار الخيال، وهؤلاء الآخرون لا تخرج القصيدة عن كونها قصيدة جيدة لا تؤهلها جودتها إلي مستوي التميز أو التفرد وهؤلاء كثيرون ويملأون الدنيا ضجيجاً ...)، فهو يرى (ان الفن ليس المتاح)، وان (الشعر هو الشعر) شعار رفعه يبحث به الإجادة الشعرية في أي شكل فنى كان، وهو نفسه ترك بصمة خاصة في الشعر، كما مارس النقد الأدبي بكتابة عدد من الرؤي النقدية لعدد من الشعراء الشبان من منظور النقد العطوف، الذي يوجه في لطف وأناه، لكنه لم يكن مجاملاً أيضا، يتحدث عنه الناقد أ.د عوض الغباري رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق عن كون الشاعر لم ياخذ حقه علي المستوى الإبداعى، وأن له حضوره فى الحياة الثقافية وفي القلوب علي المستوى الإنساني، وان نصه الشعرى في حاجة لمزيد من التأمل والتنبه لأن إبداعه أصيلاً يحتاج لقراءة متأنية ولا يمكن تلقيه في حالة فتور أو استرخاء، واسمى دراسته النقدية تباريح شاعر ، وأن (المرأة/القصيدة) يسيطرا علي وجوده الشعرى، وان بوحه الشعرى يتناص مع الصوفية، فنجد مفردات مثل (البوح/الحال) وهي لها دلالات صوفية، كما نجد الرصانة والفصاحة العربية، ونجد قصيدة السيرة الذاتية، وقصيدة السرد، وقصيدة الومضة، والشعر السياسى الذى يتناول مآسى العروبة، كان له نشاطه الجم وجانبه الإنساني الكبير، وتنوع مشهده الشعري، ونشير لقطرة واحدة من محيطه الشعري:
ففي قصيدتة ( القصيدة ) يشبه القصيدة بالبنفسجة ، ومن هذا الوصف المعنوي ينطلق ليتغني بمعاني الشعر : ( إيه أيتها البنفسجة / انطلقي..، / فرحة تورق فوق هدبينا.. )
فقد كان له الشعر حياة الشوق يقول عن القصيدة: ( أنت سيدة الوقت / أنا غربة الشوق ) ، ( كل من لقيته أنكرني.. / كل من لقيته.. / صرت قاب قوسين من اليأس.. / حتي لقيتك..!! / تقتحمين طلاسمها / تعبرين الصياغات.. / تختصرين المجازات.. / في نظرة واحدة! / إيه أيتها البنفسجة الرائقة!! / والشعراء / فوق الشواطي تدق طبولهمو.. / أي ألحانهم أتخير لغتي.. / لغتي في دمي.. / ودمي مختصر في عيونك.. / فاشتعلي.. / وانطلقي.. / وادخلي مملكتي )
ثم يتحدث عن أثر الشعر في ذاته ( واختصري المسافات / بين دمي.. / ودمي.. دمدمي / أطلقي طيرك الناري يرعي كيدي.. / وأطفئي لظي القلب الظامي )
رحم الله شاعرنا الكبير.