الخميس، 9 فبراير 2012

قراءة لأغنيات ثورة بقلم محمد عادل إدريس













قراءة فى ديون أغنيات ثوره للشاعر بلال الجبيرى
محمد عادل إدريس

(أغنيات ثوره) ديوان ولد من رحم ثورة 25 يناير، التى سيكتب عنها التاريخ بما لها وما عليها، لكن التاريخ سيدون أن هذه أول ثوره تقوم على حناجر الشباب، ثــــــم عظامهم التى تكسرت بفعل أشياء كثيرة، ثم بالأرواح التى ُأزهقت قبل الثـورة وخلالها، ومن الغريب أن يضم هذا الديوان قصائد جميلة عن الأم فى حياة الشــاعر، أمه التى ولدته ورحلت عنه، وأمه التى ولد من أرضها والتى لا يريد الرحيل عنها، (لا أحد سواك سيعلو فوق مقامك) أول جملة فى الإهداء من الشاعر وهذه الجملة تقال للأم والوطن فى آن واحد، كما يختتم الشاعر الإهداء بقوله (فأنا معقود فى عينيك)، كان بإمكان الشاعر أن يقول أنا دمعة من عينيك، أو أنا محفور فى عينيك، وإنما أكد أنه معقود، ولا يمكن فك هـذه العقده إلا بموت الطرفين، هنا كان التعبير دقيق ومعبر بشكل رائع.
لفت نظرى فى مقدمة د. هيثم الحاج على، قوله أن شاعرنا الخبير بالتاريخ قد اختار بعد تجربـة طويلة المدى الزمنى من كتابة الشعر أن يطرح نفسه للمتلقى للمرة الأولى، فهل ياترى هذه أول تجارب الشاعر بكتابة القصيدة أم أن الموهبة ولدت عنـده مع مولد ثورة 25 يناير؟
قصيدة (ثورة شعب) افتتاحية الديوان تعبر بكل وضوح عن حال شباب الثوره فـــــى أيامها الأولى، حيث كانوا يلتحفون السماء، ويأكلون الهواء، أما الشراب فكأن يأتيهم مع كل مدرعة ترش عليهم الماء بقوة، حتى يشربوا قبل الممات، ولكن كان مـن الممكن أن يطيل الشاعر فى وصف الميدان أكثر من ذلك، ولكنه اكتفى بصــورة واحده عبرت عما فى قلبه أيما تعبير.
قصيدة (قال حفيدى)، يقول الشاعر (علمنى جدى/أن الميدان كدولة/أن الظالم يضرب فى آخر جولة/أن النسوة صارت أبطالاً/أن اليوسف شيخى كل حوله)، بصراحه لم أفهم ما يريده الشاعر بهذه الشطره، ولو أنها لم تكن، ويقف الشاعر عند النسوة صارت ابطالاً، لكان أوضح وأبسط، أم أنه يقصد الشيخ يوسف القرضاوى؟.
ويقول أيضا فى ص 21 (علمنى جدى أن الجيش تفهم معنى الثورة/أن الأرض تنادى أرضك حرة)، هنا أجد تناقضا بينا وواضحا، فالشاعر يشكك فى أن الجيش قبل الثوره كان لا يفهم معنى الثوره، رغم أن الجيش المصرى تحديداً له جولات وصولات منذ ثـورة عرابى، مروراً بثورة يوليو، وإنتهاءً بثورة يناير، فدائماً وراء نجاح الثورات المتعاقبه، ثم قوله (وأن الأرض تنادى أرضك حرة)، أى أارض تنادى؟، ألم يكن أفضل أن يغير الشاعر المعنى ليكون مثلا أن الجيش ينادى أرضنا حرة؟، جميل جدآ نهاية القصيدة حيث يقول (لن يكسر هذا القلم بكفى/أو ُتذبح أحلام الحب برأسى/لن يصبح خط الطول لعرض/لن أسمح للص بأن يسرق/لقمة رزق/أو يستنسخ فى بلدى كذاب العشق/ فأنا من زمن الثورة/طلقت دواوين الفسق)، هنا يقر الشاعر بأنه ولد يوم أن قامت ثورة الشباب فى 25 يناير.
الميلاد الخمسين: (الليلة نقصت خمسين/من عمرك/يا ولد الطين)، معنى جميل لمن مضى به قطار العمر حتى صار على مقربه من الشيخوخة، ويتناقض هذا مع من يحتفل بعيد ميلاد، أو على الأصح يحتفل بنقصان عمره فى الدنيا، ويحاول الشاعر فى باقى القصيده أن يعطى نصيحة لمن بلغ هذا السن، بأن يجد ويجتهد بالرجوع إلى الخالق سبـحانه وتعالى، وأن يزيد من ترتيل القرآن، لأن هذا هو الرصيد الذى سيقابل به ربه من الدنيا، ولذلك ينبهنا بقوله (لايمكن أن تخلد فيها فالخلد محال/أن شئت فحاول أن ترقى)، والرقى هنا يعنى العوده إلى الله أو الفرار إلى الله سبحانه وتعالى.
قصيدة (تغريدة) قصيده جميله فيها من الصور ما هو مطلوب فى القصائد الرومانسيه، خاصة عندما يقول الشاعر (مررت على الخيال/بجفن عينى/فما نامت/جفون العين منى)، هنا يقول الشاعر أن محبوبته تقبع فى ذاكرته كالخيال، يروح ويجىء، ولكن لا تتغير صورته أو ملامحه ، ولذلك لا يستطيع المحب أن يغلق جفونه لكى ينام، وتتلاشى صورة محبوبته من أمام عينيه.
وفى ص 33 بعد (وجاء الفجر منفجرآ)، وضع الشاعر فواصل عبارة عن ثلاث نقاط، ففصل المعنى من بين الأبيات، ولكنى أزعم أنها غلطه مطبعية وليست متعمده من الشاعر، قصيدة (مع البحر) نفس الفاصل الذى ليس له مبرر.
فى ص 53 يقول الشاعر (لجية هذه الأمواج/من زمن/ فمن ألينا يسوق الموج يا بحر إلى على كفين او سرر المعنى مكتمل)، بدون فاصل ولكن الشاعر اضطرنى أن اتوقف لاتلوه، عن متابعة الشطرة، أو هذا الجزء من القصيده، ولكنها قصيده جميله واعتبرها ضمن أجمل قصائد الديوان)، وبعد هذه القصيده تأتى بعدها مباشرة قصيدة (ايها الموج) وكأنه تحدث مع البحر، ولابد أن يكمل الحديث مع موج البحر، ولكنى لم أفهم مايريده الشاعر من قوله (أنت ترسينى/وتنسينى هموم مرسمى/ ثم تكوينى بشوقى)، ولا أعلم مايقصده الشاعر من آخر القصيده عندما يقول (كيف نصفع/ثم نصفح/للذى لا ينحنى) .
(يا طفلة حب)، ظل الشاعر يصف المحبوبه بصفات جميلة، مثل (تحبو فى وجه النشوة/ما جرب يومًا أنياب القسوة)، ثم يفاجئنا بأن هذا الملاك كان يغضب.
ص 65 ظل الشاعر يقول كونى كذا وكذا وكذا، إلى أن وقفت عند (كونى إن شئت ورودآ/ لكن تحميك الشوكة)، ما أجمل هذا التعبير وما به من رقه وعذوبة، ولكن الشاعر أضاف (حولك أسوار/ كونى يا أجمل أجمل روضة)، كان يجب هنا الوقف، ولكنه أراد أن يوقف تفكيرى، ونجد سلاسة وسهولة اللفظ المقروء عندما قال (كونى يا أجمل أجمل روضة)، وأرى أن كلمة يا أجمل ليس لها محل، لو قال كونى أجمل روضه لكان أوقع وأحلى.
قصيدة (ولدى)، أسميتها قصيدة الوصايا الثمانيه وهى من القصائد الجميلة جداً، وهى بحق وصايا أب لأبنه، وتستحق القراءة والدراسة، فشكرآ من الأب، وشكرآ للابن إن كان السبب فى إمتاعنا بهذه القصيده الجميلة القصيرة فى حجمها الكبيرة فى معانيها.
قصيدة (أحلى الوجوه) يقول الشاعر (أنت الحنان/وفى عينيك ترحالى) جميل جدآ هذا المدخل ، ولا داعى أبدآ للبيت الثانى (كيف الوصول وهذا البعد من حالى)، كذلك البيت الرابع ( وجه صبوح أحال المر للحالى)، لم أفهم معناها، ص 74 (أنت القريبة عن عم وعن خالى)، أظن انه لو قال (عن عم وعن خال) بدون الياء تكون أصح، ولم أستوضح البيت الذى تلاه (والخد منك جمال منه بالخال).
ص 80 قصيدة (مسافر) يقول الشاعر (مسافر على ربا النهار/بالقطار/أسامر العلوم بالنجوم)، هل يريد الشاعر ان يؤكد لنا أن السفر كان بالقطار، وما الفائده من معرفتنا سواء سافر بالقطار أو بالطائرة، أو بغيرهما؟، وهل السفر بالقطار وحده هو الذى فيه المسامرة بين العلوم والنجوم ثم يؤكد علينا فيربطهم بالفكر، مع أن النهار بادى له، ومما نعرفه ان القطار بالنهار يكون فيه جلـبه وأصوات عالية، تشتت الافكار، وما علاقة القطار بالعلوم والنجوم؟، ص 81 (أسابق النهار/وأنبت البذور واشرح الصدور/وأردم الحفر)، أسابق النهار بمعنى العمل ليلا وأنجز أعمالى قبل ان يطلع النهار، أنبت البذور الذى ينبت البذور، ويجعلها ثمرات وأشجار، هو الخالق سبحانه وتعالى، والإنسان ما عليه إلا وضع البذور فى الأرض، وعلى الله الإنبات، اشرح الصدور ليس لأحد فضل فيها فسبحانه وتعالى هو القائل (رب اشرح لى صدرى)، أى أن الله سبحانه هو المتكفل بانشراح الصدور، أما اردم الحفر فلم أجد لها معنى بين السطور، وكان الأولى أن يبدأ الشاعر هذه الفقره (مهمتى وإن بدت على المدى/بعيدة السفر) ولا للست كلمات التى قبلها.
أخيرآ هذه قراءتى المتواضعه للديوان الرائع للشاعر الجميل بلال الجبيرى، واعتذر عما بها من أخطاء فى الفهم، وحقيقى الديوان يجب أن ُيقرأ أكثر من مرة لنقف على إبداع الشاعر متمنيآ له كل التوفيق فى مشوار الشعر العامى، له تحيا تى وأمنياتى القلبية.

عادل ادريس
القاهره فى 19/1/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق