الخميس، 2 مايو 2013

خالد الطبلاوي وهان الود




رؤية حول مجموعة هان الود للقاص عصام عبد الحميد
رؤية كتبها : خالد الطبلاوي 

عن دار البشير صدرت إحدى مجموعات القاص المبدع عصام عبد الحميد ، و قد تناولت المجموعة بشغف كعادتي مع أعمال أخي عصام لما أعلم من أسلوبه الشيق الجذاب الذي يستدرجك إلى آخر الصفحات وكأنك تتناول أشهى الأكلات .
وفي هذه المرة رأيت أن أتناول العمل بالنقد لتحرير صفة رأيتها لازمة في أدب عصام عبد الحميد وهي التعبير عن المشاعر الخاصة جداً للرجل والمرأة ومدى التزامه بالقيم التي يتبناها كأديب يحسب على الأدب النظيف .
ومن ثم فقد اتبعت أسلوباً أشبه بالتحقيق الصحفي أتناول فيه بعض القضايا التي أثارها العمل ولي قبل ذلك ملاحظات على العمل :
1-
مناسبة الاسم والغلاف للمجموعة وروعة التصميم الهادئ ولكن إن كان هوان الود في القصص جاء من الطرفين الرجل والمرأة فلماذا التجني على الرجل وجعل يده هي التي تقابل الورد بالرصاص ؟!
2-
الدقة في اختيار القصص التي تصلح أن تضمها دفتا الكتاب الواحد وهو ما يجعل القارئ لا يعاني من المطبات الشعورية لانتقاله من حالة إلى حالة .
3-
هذه هي المجموعة الثانية التي أقرأها للكاتب وهو في معظم ما يكتبه يتناول المشاعر الإنسانية في المقام الأول فهي تستحوذ على معظم أعماله .
4-
بعض الأعمال رغم أنها لم تتطرق إلى أرضٍ جديدة كـ "هان الود " التي تحدثت عن جحود الأبناء وهو ما ذكرنا بالمسلسل المصري " أبنائي الأعزاء ... شكراً " بشخصيات مشابهة بعض الشيء لشخصيات المسلسل إلا أنها أضافت بعداً جديداً جميلاً وهو مسألة الحجر على المشاعر بالرغم من استظلالها بالشريعة التي لا تحرم زواج الرجل الأرمل من أخت زوجته التي تربت في بيته والتي تصغره بعشرين سنة مادام هناك توافق ورضا وتشابه في الظروف تؤدي إلى نجاح ذلك الزواج .
5-
القاص الرائع عصام عبد الحميد رسم لنا شخصيات الأبناء لنشعر بما يشعر به البطل من الغصة التي نتجت عن اتفاقهم على شيء واحد – رغم اختلاف الطباع – ألا وهو العقوق الذي وصل إلى فكرة رفع دعوى الحجر على الأب .
6-
تطرق القاص إلى منطقة كان تثير الكثير من التساؤل حول تكرار فشل الزيجات بين الشرقي والغربية وإن ضمهما دين واحد ، ويلفت أنظارنا إلى أن الأمر يرجع إلى اختلاف التربية والثقافة والبيئة التي تربى فيها كل طرف بل وفهمه للدين ولا يرجع الأمر للدين نفسه ، ولو أن صفات "مرين" بطلة القصة وتربيتها كانت لامرأة من الشرق لكانت نفس النتيجة بلا ريب .
7-
القصتان الأخيرتان "فراشات تائهة " و"ناب أزرق " كانت تكفي إحداهما عن الأخرى فهما يصبان في نفس القضية وهي انشغال الأبوين وبالذات الأم عن البنت وهو السبب الرئيس لسقوط الكثيرات في براثن الشر سواءً كان مباشراً كما في ناب أزرق حيث كادت تتعرض للاغتصاب أو غير مباشر كما في فراشات تائهة حيث مارست ما لا يجوز عبر الشات مع إنسان غريب عنها .
8-
هناك بعض الأخطاء الإملائية القليلة التي يمكن تداركها في الطبعات التالية وهذا بالطبع يخص قسم المراجعة بالدار - في رأيي – وقد وضعت تحتها خطاً في الكتاب لتجنبها مستقبلاً .
نأتي للأسئلة التي طرحها البعض والتي أثارت جدلاً مع من قرأ معي القصص مع اتفاقنا حول جودة المنتج إبداعياً ألا وهي :
هل يجوز للكاتب المنحاز والمنتمي للأدب النظيف أن يتطرق إلى وصف المشاعر الخاصة حيث يسرد الحوار بين البطل والبطلة كما في أفلام الحب والغرام ؟ أليس هذا مدغدغاً لمشاعر القارئ ومثيراً لغرائزه ؟ خاصة أنه يحس بمباركة المؤلف لما يحدث ؟
هل الأديب غير مسئول عن طرح أو نقل مالا يجوز شرعاً كالخلوة بالأجنبية والخروج معها دون بيان أو تعليق على لسان إحدى الشخصيات ؟ أم أن هذا عالمه الذي نتج من فكره ومخيلته وهو مسئول عنها مسئولية كاملة ؟
قال أحد الأصدقاء : هذا الكتاب الذي أعطيتني من أجمل القصص التي قرأتها ولكنه أشبه في تأجيج المشاعر بالفياجرا الأدبية .
فرد آخر : ولم ؟ هل لأنه نص نثري ؟ فماذا تفعل مع أبيات الكثيرين من الشعراء التي تكاد تنطق بالصور كقول امرؤ القيس : 
فَـمِـثْـلِـكِ حُـبْـلَـى قَـدْ طَرَقْتُ و مُرْضِعٍ

فَـأَلْـهَـيْـتُـهَـا عَـنْ ذِي تَـمَـائِـمَ مُـحْــوِلِ

إِذَا مَـا بَـكَـى مِنْ خَلْـفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ

بِـشَـقٍّ،وتَـحْـتِـي شِـقُّـهَـا لَــمْ يُـحَـــوَّلِ

أليس هذا مما درست ؟
فأجاب نعم ولكن الكاتب كما علمنا من أصحاب الأدب المنتمي .
فرد عليه : تعامل مع النص دون خلفيات وظلال لتستطيع الحكم بالقسط ، وقل ما شعرت به هل تخشى على ابنك المراهق أو بنتك المراهقة من قراءة هذه المجموعة ؟
فقال : هذا ما شعرت به ولقد تناول القرآن ما هو أخص من ذلك ولدن دون إثارة تذكر وانظر إلى وصف ما حدث بين يوسف عليه السلام وبين زليخة وكيف أنه لا يحرك فيك إلا التحيز للفضيلة .
أما عن الأفعال غير اللائقة أو غير المشروعة التي تجري على يد أبطال القصة كالتي حدثت بين مصطفى ومنى في "هان الود" وبين ميرين وحبيبها في قصة " ميرين " فقد عبر أحد المدرسين قائلا ً :
لو أن هذه التصرفات كانت محور القصة لوجب على القاص أن يحدد موقفه ولو من خلال نتيجة من الأحداث تعود على البطلين نتيجة المخالفة ولكنه يعالج قضية أخرى محورية . 
فتدخلتُ قائلاً : الكاتب فعل هذا في القصة الأخيرة فقد كادت الفتاة أن تفقد شرفها نتيجة تهورها وانسياقها وراء ما لا تعلم .
فرد آخر :
وما الداعي إذاً لسردها على ونحن نعلم أن القارئ قد يتسرب إلى نفسه أن هذه تصرفات طبيعية لا عيب فيها ؟
قأجاب زميل :
لا يجب أن نعامل الأدب معاملة الخطابة والوعظ فلا يمكن أبداً أن نمسك المسطرة والفرجار للأديب .
فقال السائل : يا سيدي إن الأدب في تقرير ما يجب وما لا يجب أخطر من الخطابة والوعي لذلك يجب الحذر
اختلفنا كثيراً حول هذا العمل ولكننا اتفقنا على شيءٍ واحد وهو :
عمل رائع لأديب رائع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق