الكتاب
وصناعة التقدم .... اليوم العالمي للكتاب
يقاس تقدم الشعوب ورقيها بما تنتجه من الكتاب وبعدد الذين يقرأون
هذه الكتب، والدقائق التي يستهلكونها يوميا في قراءتها، كما ينطبق ذلك على الشعوب
المتخلفة بشكل معاكس, فكلما زاد انتاج الكتاب والكتّاب والقارئين زاد الانتاج
الاقتصادي وتطور المجتمع تكنولوجيا وعلميا وثقافيا واجتماعيا. لذلك فان اكثر
المجتمعات تخلفا وفقرا تلك التي تقبع في ادنى السلّم البشري من حيث انتاج الكتاب
ومن حيث استهلاكه بالقراءة.
واليوم العالم في 23/4 من كل سنة يحتفل بخير جليس في الزمان الذي لا تمله العيون ولا تستغني عنه العقول ولا يفارق حبه شغاف القلوب.
وربما يكون من المفيد أن نتدارس في هذه المناسبة أحوال هذا الجليس ورحلته الطويلة عبر القرون، خاصة إذا سلمنا بأن ما وصلت إليه البشرية من تطور ورقي في جانبها الأفضل يعود الى هذا الجليس وما قدمه للانسان من فوائد جمة.
ولعل الأمم التي وعت أهمية الكتاب هي الأكثر تطورا وازدهارا واستقرارا من غيرها، لأنه يقدم لها الوعي على طبق من ذهب، ويضع العلوم كافة تحت تصرفها، أما الآداب وما يتعلق بها فهي ايضا لم تصل الى عقول الناس وبنياتهم الفكرية لولا هذا الجليس الذي لا يستغني عنه احد.
وهذا سيقودنا الى كيفية تعاملنا مع الكتاب، وهل استطعنا ان نوظف فوائده لصالحنا أم لا، نعم نحن نتفق على ان التعامل مع الكتاب قد يكون في جانبه الأشمل رغبة فردية لزيادة الوعي وما شابه، خاصة اذا ما استثنينا المناهج المتعلقة بالمراحل الدراسية المتعددة والملزمة في آن، ومع ذلك يبقى للتوجيه دورا حاسما في هذا الجانب، بمعنى ان الفرد وإن كان من النوع الباحث عن الجديد عبر الكتاب سواء في حقل العلم او الدين او الأدب وغيرها من الحقول المعرفية، لكن تدخّل الجهات الرسمية في عملية نشر الكتاب وتوزيعه وايصاله الى اكبر عدد ممكن من الناس يبقى عنصرا هاما بل أساسيا في عملية التفاعل بين الطرفين الكتاب وقارئه.
وعلى هذا الأساس لاسيما ونحن نحتفل بيوم الكتاب العالمي، ينبغي أن نضع الخطوات العملية القادرة على تسهيل عملية تداول الكتاب بين شرائح المجتمع المختلفة وجعله في متناول من يرغب بالاطلاع والمعرفة ويهدف الى تطوير وعيه الفردي الذي سيصب بالنتيجة في الوعي الجمعي المتشكل من عموم شرائح المحيط المختلفة.
وهنا نتذكر تلك الحملات التي قامت بها بعض الحكومات في الأمم الباحثة عن منابع الوعي وروافد المعرفة، حين استطاعت أن تضع الكتاب بين يدي القارئ بأقلّ الأثمان وأيسر الطرق، ولاننسى دقة الطباعة وجانب الأناقة الذي تتمتع به هذه الكتب، وتلوح في الذاكرة كتب (الجيب) التي شاعت في أوربا على سبيل المثيل، فصار الكتاب رفيقا (لحظوياً) للانسان الأوربي، يرافقه في سيره وجلوسه ويملأ جميع الدقائق او الساعات الفائضة من نهاره وليله، لتتبلور بنية توعوية متينة وراسخة أسست وطورت وعي الفرد والمجتمع الأوربي في آن.
ومع أننا لانغفل الجانب السيئ للتيارات الفكرية المناهضة لمسيرة الانسان نحو الأفضل واستغلالها للكتاب كوسيلة توصيل او نشر لافكارها الهدامة، إلاّ أن هذا الجانب يحسب على باب حتمية وجود الشوائب السيئة في المشاريع الحسنة.
أما إذا تطرقنا الى المنافسة الهائلة التي قادها الحاسوب وشبكة الانترنيت ووسائل الاتصال الهائلة مع الكتاب، فإن ذلك أصبح في عداد الأمر الواقع، لكنه لن يلغي كليا دور الكتاب، فإلى الآن لازال هناك ملايين البشر يفضلون التعامل مع الكتاب في تحصيل المعرفة، ناهيك عن المناهج الدراسية التي لاتستغني عن الكتاب كوسيلة لنقل المعارف بأنواعها الى الطلاب، إذن ونحن نحتفل بالكتاب في يومه العالمي سنقر بأهميته وجدواه ودوره الهام والاساسي في التناقل المعرفي بين الكتاب من جهة وقارئه من جهة أخرى.
وهذا ما يدفعنا الى دعوة من يهمه الأمر، سواء من الرسميين او الأهليين (كالمنظمات المحلية والدولية التي تُعنى بنشر الكتاب) الى العمل الجاد على إيصال الكتاب لعموم الناس كونه وسيلة توصيل معرفية لايمكن الاستغناء عنها، كما اننا يجب أن نعرف ونقر بأن الدعوات التي تذهب الى تهميش الكتاب واستصغار دوره بحجة التطور الهائل لوسائل الاتصال وما شابه هي دعوات ذات مآرب نفعية تبغي اقصاء الكتاب من الساحة المعرفية لاسباب تجارية، الأمر الذي يتطلب عناية بهذا الجليس الممتع والمفيد في آن واحد وذلك عبر خطوات عملية منها:
1- أهمية العمل على ترسيخ تقاليد إحتفالية دورية للكتاب وذلك بإقامة المعارض بصورة لائقة ولايقتصر ذلك على الجامعات او المؤسسات الثقافية الأخرى.
2- وجوب الفصل بين دور الكتاب وتقنية الحاسوب بما لاينتقص من القيمة المعرفية العالية التي يقدمها الكتاب لقارئه.
3- التعاضد بين الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة لدعم الكتاب وتأكيد أهمية دوره في تناقل المعرفة في الواقع المعاصر.
4- أهمية الاستفادة من خبرات الامم والشعوب التي سبقتنا في طرق ترويج الكتاب ووضعه بأقصر السبل وأقل التكاليف بين يدي القارئ.
5- دعم عملية إنتاج الكتاب تأليفا وطباعة وتسويقا من لدن الجهات الرسمية على أن لا يختفي أو يقل دور المنظمات الاهلية في هذا المجال.
6- الإهتمام بطباعة الكتاب من حيث الشكل الأنيق بما يوازي أهمية المضمون الذي ينطوي عليه.
7- دعم سعر الكتاب من لدن الجهات المعنية من اجل سهولة إيصاله الى أكبر عدد من القراء ومن مختلف الشرائح لاسيما بسطاء الناس منهم.
8- ترسيخ أهمية هذا اليوم المأخوذة من أهمية الكتاب لاسيما بين شريحة الاطفال كي ينظروا للكتاب بما يستحقه من قيمة معرفية عالية.
9- تأليف لجان مختصة لها الخبرة الكافية من اجل تحويل الخطط والبرامج الطباعية الى خطوات قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
10- تشجيع ودعم انشاء المكتبات العامة والخاصة والتخصصية في المدارس والمؤسسات والمساجد والمنازل.
11- وضع جوائز خاصة للكتب والمؤلفين والمكتبات ودور النشر بما يساهم في نشر ثقافة الكتاب.
12- وضع برنامج خاص في المدارس منذ البدء لتعميم ثقافة الكتاب والقراءة بحيث تصبح ثقافة راسخة وعامة.
ان الاهتمام بالكتاب بالتأكيد يعكس طريقة تفكير الامم والدول والحكومات والنخب فلايمكن الحصول على الامن والاستقرار الا بتعميم ثقافة الكتاب الذي يحقق الامن الثقافي وسوف يؤدي تدريجيا الى القضاء على التطرف والتشدد والانحراف والجهل والفقر والجريمة، وان الذي يراهنون على الامن العسكري فقط سيكونون الضحية الاكبر لامراض الجهل والتخلف.
* مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام
واليوم العالم في 23/4 من كل سنة يحتفل بخير جليس في الزمان الذي لا تمله العيون ولا تستغني عنه العقول ولا يفارق حبه شغاف القلوب.
وربما يكون من المفيد أن نتدارس في هذه المناسبة أحوال هذا الجليس ورحلته الطويلة عبر القرون، خاصة إذا سلمنا بأن ما وصلت إليه البشرية من تطور ورقي في جانبها الأفضل يعود الى هذا الجليس وما قدمه للانسان من فوائد جمة.
ولعل الأمم التي وعت أهمية الكتاب هي الأكثر تطورا وازدهارا واستقرارا من غيرها، لأنه يقدم لها الوعي على طبق من ذهب، ويضع العلوم كافة تحت تصرفها، أما الآداب وما يتعلق بها فهي ايضا لم تصل الى عقول الناس وبنياتهم الفكرية لولا هذا الجليس الذي لا يستغني عنه احد.
وهذا سيقودنا الى كيفية تعاملنا مع الكتاب، وهل استطعنا ان نوظف فوائده لصالحنا أم لا، نعم نحن نتفق على ان التعامل مع الكتاب قد يكون في جانبه الأشمل رغبة فردية لزيادة الوعي وما شابه، خاصة اذا ما استثنينا المناهج المتعلقة بالمراحل الدراسية المتعددة والملزمة في آن، ومع ذلك يبقى للتوجيه دورا حاسما في هذا الجانب، بمعنى ان الفرد وإن كان من النوع الباحث عن الجديد عبر الكتاب سواء في حقل العلم او الدين او الأدب وغيرها من الحقول المعرفية، لكن تدخّل الجهات الرسمية في عملية نشر الكتاب وتوزيعه وايصاله الى اكبر عدد ممكن من الناس يبقى عنصرا هاما بل أساسيا في عملية التفاعل بين الطرفين الكتاب وقارئه.
وعلى هذا الأساس لاسيما ونحن نحتفل بيوم الكتاب العالمي، ينبغي أن نضع الخطوات العملية القادرة على تسهيل عملية تداول الكتاب بين شرائح المجتمع المختلفة وجعله في متناول من يرغب بالاطلاع والمعرفة ويهدف الى تطوير وعيه الفردي الذي سيصب بالنتيجة في الوعي الجمعي المتشكل من عموم شرائح المحيط المختلفة.
وهنا نتذكر تلك الحملات التي قامت بها بعض الحكومات في الأمم الباحثة عن منابع الوعي وروافد المعرفة، حين استطاعت أن تضع الكتاب بين يدي القارئ بأقلّ الأثمان وأيسر الطرق، ولاننسى دقة الطباعة وجانب الأناقة الذي تتمتع به هذه الكتب، وتلوح في الذاكرة كتب (الجيب) التي شاعت في أوربا على سبيل المثيل، فصار الكتاب رفيقا (لحظوياً) للانسان الأوربي، يرافقه في سيره وجلوسه ويملأ جميع الدقائق او الساعات الفائضة من نهاره وليله، لتتبلور بنية توعوية متينة وراسخة أسست وطورت وعي الفرد والمجتمع الأوربي في آن.
ومع أننا لانغفل الجانب السيئ للتيارات الفكرية المناهضة لمسيرة الانسان نحو الأفضل واستغلالها للكتاب كوسيلة توصيل او نشر لافكارها الهدامة، إلاّ أن هذا الجانب يحسب على باب حتمية وجود الشوائب السيئة في المشاريع الحسنة.
أما إذا تطرقنا الى المنافسة الهائلة التي قادها الحاسوب وشبكة الانترنيت ووسائل الاتصال الهائلة مع الكتاب، فإن ذلك أصبح في عداد الأمر الواقع، لكنه لن يلغي كليا دور الكتاب، فإلى الآن لازال هناك ملايين البشر يفضلون التعامل مع الكتاب في تحصيل المعرفة، ناهيك عن المناهج الدراسية التي لاتستغني عن الكتاب كوسيلة لنقل المعارف بأنواعها الى الطلاب، إذن ونحن نحتفل بالكتاب في يومه العالمي سنقر بأهميته وجدواه ودوره الهام والاساسي في التناقل المعرفي بين الكتاب من جهة وقارئه من جهة أخرى.
وهذا ما يدفعنا الى دعوة من يهمه الأمر، سواء من الرسميين او الأهليين (كالمنظمات المحلية والدولية التي تُعنى بنشر الكتاب) الى العمل الجاد على إيصال الكتاب لعموم الناس كونه وسيلة توصيل معرفية لايمكن الاستغناء عنها، كما اننا يجب أن نعرف ونقر بأن الدعوات التي تذهب الى تهميش الكتاب واستصغار دوره بحجة التطور الهائل لوسائل الاتصال وما شابه هي دعوات ذات مآرب نفعية تبغي اقصاء الكتاب من الساحة المعرفية لاسباب تجارية، الأمر الذي يتطلب عناية بهذا الجليس الممتع والمفيد في آن واحد وذلك عبر خطوات عملية منها:
1- أهمية العمل على ترسيخ تقاليد إحتفالية دورية للكتاب وذلك بإقامة المعارض بصورة لائقة ولايقتصر ذلك على الجامعات او المؤسسات الثقافية الأخرى.
2- وجوب الفصل بين دور الكتاب وتقنية الحاسوب بما لاينتقص من القيمة المعرفية العالية التي يقدمها الكتاب لقارئه.
3- التعاضد بين الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة لدعم الكتاب وتأكيد أهمية دوره في تناقل المعرفة في الواقع المعاصر.
4- أهمية الاستفادة من خبرات الامم والشعوب التي سبقتنا في طرق ترويج الكتاب ووضعه بأقصر السبل وأقل التكاليف بين يدي القارئ.
5- دعم عملية إنتاج الكتاب تأليفا وطباعة وتسويقا من لدن الجهات الرسمية على أن لا يختفي أو يقل دور المنظمات الاهلية في هذا المجال.
6- الإهتمام بطباعة الكتاب من حيث الشكل الأنيق بما يوازي أهمية المضمون الذي ينطوي عليه.
7- دعم سعر الكتاب من لدن الجهات المعنية من اجل سهولة إيصاله الى أكبر عدد من القراء ومن مختلف الشرائح لاسيما بسطاء الناس منهم.
8- ترسيخ أهمية هذا اليوم المأخوذة من أهمية الكتاب لاسيما بين شريحة الاطفال كي ينظروا للكتاب بما يستحقه من قيمة معرفية عالية.
9- تأليف لجان مختصة لها الخبرة الكافية من اجل تحويل الخطط والبرامج الطباعية الى خطوات قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
10- تشجيع ودعم انشاء المكتبات العامة والخاصة والتخصصية في المدارس والمؤسسات والمساجد والمنازل.
11- وضع جوائز خاصة للكتب والمؤلفين والمكتبات ودور النشر بما يساهم في نشر ثقافة الكتاب.
12- وضع برنامج خاص في المدارس منذ البدء لتعميم ثقافة الكتاب والقراءة بحيث تصبح ثقافة راسخة وعامة.
ان الاهتمام بالكتاب بالتأكيد يعكس طريقة تفكير الامم والدول والحكومات والنخب فلايمكن الحصول على الامن والاستقرار الا بتعميم ثقافة الكتاب الذي يحقق الامن الثقافي وسوف يؤدي تدريجيا الى القضاء على التطرف والتشدد والانحراف والجهل والفقر والجريمة، وان الذي يراهنون على الامن العسكري فقط سيكونون الضحية الاكبر لامراض الجهل والتخلف.
* مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق