الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

ملتقي المخابرات بقلم الكاتب أحمد موسي الأنصاري - رقم 1


قدم كاتبنا الأستاذ/ أحمد موسي الأنصاري محاضرته في ملتقي كتاب (المخابرات في أدب صالح مرسي) علي شكل مطبوع، وكان هناك مطلبا من السادة حضور الملتقي، وآخرون بعد ذلك في الحصول علي نسخة، ويسرنا تقديم مادة كاتبنا الأريب إلكترونيا للاستفادة
كان هذا الملتقي الجمعة الماضية 2 نوفمبر وشارك فيه أيضا المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني د. اسامة خليل شعث
واقل ما يوصف به هذا الملتقي أنه كان رائعا ومفيدا - منسق الملتقي: خالد جوده

نقاط ندوة المخابرات فى اعمال صالح مرسى وآخرين..2/11/2012
أشهر مسلسلات الجاسوسية المصرية
الدراما المصرية تكاد تنفرد بمجموعة كبيرة من المسلسلات المأخوذة عن سجلات وملفات المخابرات المصرية، والتي تشرح وتبيّن الدور الكبير والخفي الذي قامت به لحماية البلاد، وإيقاف العدو الإسرائيلي عند حده، كاشفة في نفس الوقت عن قوة وصلابة المقاتل المصري، واستعداده للتضحية بحياته في سبيل وطنه.
مسلسل رأفت الهجان بأجزائه الثلاث 1987-1990-1991
بطولة محمود عبد العزيز (رأفت الهجان- ديفيد شارل سمحون ).. رفعت سليمان الجمال أو جاك بيتون.
يسرا (هيلين ريشتر ).. الألمانية فرو/ فالتراود بيتون
إيمان الطوخي ( استير بولونسكى)
نبيل الحلفاوى (ضابط المخابرات:نديم هاشم).. اللواء محمد نسيم.
محمد وفيق ( ضابط المخابرات:عزيز الجبالى ).. اللواء عبد العزيز الطودى.
يوسف شعبان ( ضابط المخابرات محسن ممتاز).. اللواء عبد المحسن فايق.
من إنتاج قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، إعداد وسيناريو وحوار صالح مرسي، موسيقي تصويرية عمار الشريعي، وإخراج يحيى العلمي.
مسلسل درامي مصري يتكون من ثلاثة أجزاء، بدأ عرض جزئه الأول في نهاية الثمانينيات، واستمر عرض باقي أجزائه حتى منتصف التسعينيات، ويدور حول ملحمة وطنية من ملفات المخابرات المصرية تحكي سيرة العميل المصري رفعت علي سليمان الجمال الذي تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر.. وفورإذاعة المسلسل لم يتوقع احد تلك العاصفة التى هبت داخل اسرائيل بحثاً وسعياً لمعرفة حقيقة الشخصية التى اعلنت المخابرات العامة المصرية عام 1988 بانها قد عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه أكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط.وكان اسم (رأفت الهجان) هو الاسم المعلن البديل للمواطن المصرى المسلم )رفعت على سليمان الجمال) ابن دمياط والذى ارتحل إلى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية عام 1954 حاملاً روحه على كفة.
وفور اعلان القاهرة لهذة العملية المذهلة طالبت الصحفية الاسرائيلية  "سمادر بيرى" - فى موضوع نشرته بجريدة يدعوت احرونوت الاسرائيلية - آيسر هريتيل مدير المخابرات الاسرائيلية فى هذا الوقت نفى ما اعلنته المخابرات المصرية واكدت لمدير المخابرات الاسرائيلية ان هذة المعلومات التى اعلنتها القاهرة تثبت تفوق المخابرات العربية المصرية فى أشهر عملية تجسس داخل اسرائيل ولمدة تقرب من العشرين عاما.
وبينما يلهث الكل وراء اى معلومة للتأكد من الحقيقة عن هذا المجهول المقيد فى السجلات الاسرائيلية باسم "جاك بيتون" بصفته اسرائيلياً ويهودياً ، نشرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" الاسرائيلية موضوعاً موسعاً بعد ان وصلت الى الدكتور "ايميرى فريد" شريك الجمال فى شركتة السياحية "سي تورز" وبعد ان عرضوا علية صورة الجمال التى نشرتها القاهرة شعر بالذهول واكد انها لشريكة  "جاك بيتون" الذى شاركه لمدة سبع سنوات وانه كان بجواره مع جمع كبير من صفوة المجتمع الاسرائيلى عندما رشح لعضوية الكنيست الاسرائيلى ممثلا لحزب "مباى" الاسرائيلى "حزب عمال الارض" ولكنه لم يرغب فى ذلك.وفورأن فجرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" حقيقة العميل المصرى وانه شخصية حقيقية وليست من نسج خيال المصريين كما ادعى مدير الموساد،  حصلت الصحيفة ايضا على بيانات رسمية من السجلات الاسرائيلية مفادها ان "جاك بيتون" يهودى مصرى من مواليد المنصورة عام 1919 وصل الى اسرائيل عام 1955 وغادرها للمرة الاخيرة عام 1973 .
واضافت الصحيفة بعد التحرى ان "جاك بيتون" او "رفعت الجمال" رجل الاعمال الاسرائيلى استطاع ان ينشئ علاقات صداقه مع عديد من القيادات فى اسرائيل منها "جولدا مائير" رئيسة الوزراء ، و"موشى ديان" وزير الدفاع .وخلصت الصحيفة الى حقيقة ليس بها ادنى شك :"جاك بيتون" ما هو الا رجل مصرى مسلم دفعت به المخابرات المصرية الى اسرائيل واسمه الحقيقى "رفعت على سليمان الجمال" من ابناء مدينة دمياط بمصر.وفور هذة المعلومات الدقيقة التقطت الصحف العالمية اطراف الخيط فقالت صحيفة "الاوبزرفر" البريطانية الواسعة الانتشار : ان "الجمال" عبقرية مصرية استطاع ان يحقق اهداف بلاده.. ونجح فى ان يعود الى وطنه سالماً ويموت طبيعياً على فراشه.
أضواء على نشأة رفعت الجمال الحقيقية:
لم ينعم "رفعت" بوالده طويلا اذ توفى والده وهو بعد فى التاسعة من عمره عام 1936 وكانت شقيقته نزيهه فى الحادية عشر- التى تزوجت سنة 1943 من الملازم أول احمد شفيق مرشح الرئاسة المصرية 2011-  ولبيب فى الثالثة عشر، اما سامي فكان فى الثالثة والعشرين، ولم يكن لهم اى مصدر للرزق فأتفق الاعمام والعمات على حل كان منطقياً فى هذة الظروف وهو ان يلتحق الصبيين (رفعت ولبيب) بورشة للنجارة حيث كانت مدينة دمياط منذ القدم وحتى الآن مشهورة بصناعة الاخشاب إلا ان الشقيق الاكبر سامى رفض الفكرة من أساسها واقترح ان ينتقل الاولاد الثلاثة وامهم معه الى القاهرة ليتعلموا فى مدارسها ويكفل لهم راتبه المتواضع حياه كريمة، وكان سامي مدرساً للغة الإنجليزية وكان مسئولاً عن تعليم أخوة الملكة فريدة اللغة الإنجليزية.وفى القاهرة التحقت نزيهة بمدرسة ثانوية للبنات والتحق لبيب بمدرسة تجارية متوسطة، اما رفعت فالتحق بمدرسة ابتدائية وبعد إتمامه لها التحق ايضا بمدرسة تجارية وكان وقتها يتقن التحدث باللغتين الانجليزية والفرنسية ، وبرغم محاولات سامى ان يخلق من رفعت رجلاً منضبطاً ومستقيماً الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام.
تنقل فى عدة اعمال داخل مصر وخارج وطاف على متن السفينة حورس موانىء نابولى- جنوة- مارسليا- برشلونة- جبل طارق- طنجة – ليفربول- بومباى واشتهر بعلاقاته النسائية الكثيرة.. تدرب وبرع فى الإشتغال فى مجال السياحة فى لندن والتحق ن بشركة سياحية "سلتيك تورز" وكون ثروة كبيرة حينذاك منها، مما شجعه للسفر للنيويورك لتوسيع اعماله دون تأشيرة ثم غادرها لكندا ومنها لألمانيا وتم القبض عليه هناك وترحيله لمصر.. مع عودة "رفعت" إلى "مصر"، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في "فرانكفورت"، وشكوك حول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركة قناة السويس، تتناسب مع إتقانه للغات.. ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية.. هنا، بدأ "رفعت" يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم "علي مصطفى"، يحوي صورته، بدلاً من صورة صاحبه الأصلي.. وبهذا الاسم الجديد، عمل "رفعت" في شركة قناة "السويس"، وبدا له وكأن حالة الاستقرار قد بدأت.
قامت ثورة يوليو 1952 ، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه "رفعت" الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة "السويس"، وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى "تشارلز دينون". وهكذا اصبح الحال معه من أسم لأسم ومن شخصية مزورة لشخصية أخرى إلى أن ألقي القبض عليه من قبل ضابط بريطاني أثناء سفره إلى ليبيا بعد التطورات السياسية والتتغيرات في 1953 واعادوه لمصر واللافت في الموضوع انه عند إلقاء القبض عليه كان يحمل جواز سفر بريطاني الا ان الضابط البريطاني شك أنه يهودي وتم تسليمه إلى المخابرات المصرية التي بدأت في التحقيق معه على أنه شخصيه يهوديه.
تسلمه ضابط مصرى من البوليس السرى اسمه حسن حسنى معتقداً انه ضابط مخابرات يهودى اسمه " ديفيد ارنسون" وبعد إستجوابات مطولة استطاع ان يكتسب ثقة الجمال فصارحه بالحقيقة كاملة عن كل ماقام به من اعمال وبالأخص تعلمه الكثير عن اليهود وحياتهم وإندماجه مع الجاليات اليهودية فى المجتمع البريطانى والفرنسى حتى صار منهم، عندها قام حسن حسني بدس مخبرين في سجنه ليتعرفوا على مدى اندماجه مع اليهود في معتقله وتبين ان اليهود لا يشكون ولو للحظه بأنه ليس يهودياً مثلهم، وتم في تلك الأثناء وإستناداً إلى المخابرات المصرية التأكد من هوية الهجان الحقيقية.
من هنا نشأت فكرة تجنيد رفعت الجمال بما يحمله من مؤهلات ليصبح عميلاً مصرياً داخل إسرائيل وبالفعل تم عرض هذا الإقتراح عليه ليمحى تماماً كل مايتعلق بشخصية رفعت الجمال ولتولد شخصية يهودية تدعى جاك بيتون المولود في 23 اغسطس 1919 من أب فرنسي وأم ايطاليه وديانته يهودي اشكنازي وانتقل للعيش في حي في الإسكندرية يسكنه الطائفة اليهودية وحصل على وظيفة مرموقة في احدى شركات التامين وانخرط في هذا الوسط وتعايش معهم حتى أصبح واحد منهم.
تدرب رفعت تدريبات إستخبارية قاسية برع فيها، بعدها انضمّ، أثناء وجوده في الإسكندرية، إلى الوحدة اليهودية (131)، التي أنشأها الكولونيل اليهودي إبراهام دار، لحساب المخابرات الحربية الإسرائيلية )أمان( التي شرع بعض أفرادها في القيام بعمليات تخريبية، ضد بعض المنشآت الأمريكية والأجنبية، على نحو يجعلها تبدو كما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، فيما عرف بعدها بأسم فضيحة لافون، نسبة إلى بنحاس لافون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك.. وفي الوحدة (131)، كان (رفعت الجمَّال) زميلاً لعدد من الأسماء، التي أصبحت فيما بعد شديدة الأهمية مثل مارسيل نينو و ماكس بينيت، و ايلي كوهين، ذلك الجاسوس الذي كان يحتلّ منصبًا شديد الحساسية والخطورة بعد هذا بعدة سنوات في سوريا والذى أوقع به رفعت فى ضربة قاضية للموساد الذى حاول على مر سنوات طويلة يحاول معرفة شخصية من أوقع سيد الجواسيس بالنسبة لهم، كما يظل السوريون حتى الآن يحاولون إخفاء تلك الحقيقة الموجعة والمهينة لجهاز أمنهم

يتبع قريبا

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق