تغطية ملتقي الكتاب رقم 35
مناقشة كتاب التراتير ومسرحيات أخرى للكاتب المسرحى محيى عبد الحى
إعداد: خالد جوده أحمد
د. أسامه أبوطالب:
· النص المسرحي ينتج أثره ويتحول إلي كائنا دافقا بالنبض عندما يتم ميلاده علي خشبة المسرح
· الكاتب عبر ببراعة في التراتير عن أزمة المجتمع الآلي في عصر العولمة، كما يتسم بالعقلية الدرامية والحس السياسي ونبل الموضوع.
· مادة التطرف الصلبة ليست كائنة في طبيعة الشعب المصري، فهو من أسهل المجتمعات في إصلاحه، لذلك فإن بشريات العهد الجديد مواتية بالأمل.
· أن الفساد لم ينتهي بسقوط رأس النظام السابق، فالفاسدين الكبار ألقوا (بذورة) عفية صاحبة مهارة وبراعة في الفساد، وهم من الفاسدين الصغار في كل مؤسسة بمصر.
· أدباء الأقاليم هم رسل تنوير أخلاقي، وهى مسألة هامة جدا في البناء الثقافي والحضاري الجديد.
· نحن نحتاج إلي حكومة ومسئولين لهم خيال، يستطيعون به ابتكار الحلول وتحقيق الإنجازات.
الشاعر/ المنجي سرحان:
· الكتاب هم البنائين العظام للحضارة، ويجب العناية النقدية بالمنتج الإبداعي المتميز لأن الأدباء هم صانعي عقل الأمة.
في أجواء ثقافية مشعة بالفكر والجمال، ناقش ملتقي الكتاب باكتوبر رقم 35 الأسبوع الأخير مجموعة مسرحيات (التراتير ومسرحيات أخرى) للكاتب المسرحى محيى عبد الحى، ناقشه الناقد الكبير أ.د أسامه أبو طالب أستاذ الدراما بأكاديمية الفنون، حيث من الجديد بالذكر أن ملتقي الكتاب قائما علي مناقشة الكتب في شتي أنواع المعارف، ويحتفي بألوان الفكر والثقافة، وقد أشار خالد جوده منسق الملتقى أن الملتقى ناقش كتبا في اثنا عشر مجالا من مجالات المعارف والإبداع منذ تأسيسه عام 2011، وتبقى مجال المسرح، وتم تعويض الملتقي بمناقشة أربع مسرحيات للكاتب المسرحى المتميز محى عبد الحى، حيث يضم كتاب التراتير ومسرحيات أخرى والصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، أربع مسرحيات منها ثلاث سبق نشرها (وطن الغرباء / القبيلة / لم الشمل) ومسرحية التراتير والتي يتم نشرها ورقيا للمرة الأولي، كما أشار جوده ان الكاتب المسرحي حسنا فعل بإعادة نشر مجموعة من مسرحياته التي نفذت طبعاتها، ومنها علي سبيل المثال مسرحية لم الشمل والتي نشرت في سلسلة (إشراقات أدبية) والصادرة عن الهيئة العامة للكتاب تحت رقم 152 في أول اكتوبر 1993، حيث أندثرت تقريبا جميع نسخ تلك السلسلة الهامة والتي كانت تصدر بثمن زهيد، حيث صدر منها في فترتها الأولى اكثر من 210 عدد منها عدد 14 مسرحية نثرية وشعرية بنسبة 7% من عام 1987 حتي عام 1995.
وقد شرف الملتقي ناقدنا الكبير أ.د أسامه أبو طالب والذي تحدث عقب إلقاء الأديب محى عبد الحى لوحة قصيرة من مسرحية التراتير، عن ترحيبه بالمشاركة في الملتقي وإعجابه بفكرة الإحتفاء بالكتاب بل وصرح بانه سوف يهدي مكتبة نادي أكتوبر صندوقا من الكتب يضم مؤلفاته ومؤلفات آخرين، وشرع ناقدنا الكبير في إمتاع الحضور بنظراته النقدية حول المسرحيات موضوع المناقشة، كما تطرق الحديث نحو مجالات شتي في الثقافة والفكر والفن والثقافة، وتألق الملتقي لمدة أربع ساعات عامرة بالمتعة الفكرية شارك فيها الناقد المؤلف والحضور الكريم، كما شرفنا وشارك بكلمة ضافية الشاعر الكبير/ المنجي سرحان، واستهل أ.د أسامه أبو طالب الكلمة حول المسرحيات باهمية تحويل النص المسرحي الجامد إلي عرض حي، وأن هذا النص ينتج أثره ويتحول إلي كائنا دافقا بالنبض عندما يتم ميلاده علي خشبة المسرح، وأنه من المؤسف أن ُيكتب مثل هذه النصوص المسرحية الجيدة ولا تجد مجالا للإداء المسرحي الحي، كما أشار ان تحويل النص المسرحي إلي كائنا ناهضا علي المسرح سوف يساهم في قيام الكاتب المسرحي نفسه بدور النقد الذاتي، بحيث يمكن له حينها وبنفسه قبل النقاد بخفض هذا الحجم بنسبة لا تقل عن 60%، ثم شرع الناقد الكبير في الكشف عن ميزات الكاتب المسرحي بانه يتمتع بالعقل الدرامي، وأن العقلية الدرامية ي عقلية خاصة جدا تتقن ميزة التركيب والتعشيق، وهى ميزة تتصل بالدراما في الأساس، وتختلف عن ميزة التحليل في اجناس الأدب الأخري، وإن كان هذا لا يمنع من وجود لمحة درامية في القصيدة الغنائية، كما ضرب مثلا بمؤلفه حول مسرح الأساتذة، ويقصد أساتذة الدراما (رشاد رشدي وهو اكثر الأساتذة موهبة مسرحية، محمد عنانى، عبد العزيز حموده، فوزى فهمي، ...)، وكيف قدموا نصوصا مسرحية لم تكن علي المستوي الدرامي العالي، لذلك يهتم الناقد بالبحث عن درامية عقل الكاتب المسرحي، وقدرته علي إحداث النمو الدرامي في نصه المسرحى، بمعني السؤال هل يتمتع المسرحى بعقلية درامية أم لا؟، وهو ما وجده متحققا في كاتبنا، كما أشار ان الكاتب هنا كاتبا سياسيا يحتوى مسرحه علي الهم المجتمعي، كما يعني بقضية الظلم، كما أشاد بمسرحية التاتير (جمع ترتر) وكيف تعبر ببراعة عن نظم تعليب البشر وجعلهم يلمعون من الخارج في مظاهر أو قشرة حضارية براقة، ولكن أفئدتهم هواء، حيث جري تنميطهم وانتاج سلوكياتهم في مجتمع آلي يفتقد الروح والحياة، كما أشاد الناقد بالإبداع التنفيذي لدي الكاتب بمعني معرفة الكاتب وإلمامه بآليات المسرح، وأنه فاهم صنعة ومصطلحات المسرح، حيث أن كاتب السيناريو علي دراية بترجمة الأحلام المهومة في بناء معماري فني، فهو يشبه المهندس المعماري الذي يدرك نسب الجمال، كما أعلن الناقد الكبير أنه لن يقوم بتقديم تلخيص المسرحيات للقراء أو المستمعين كما انتقد المنهج النقدي التحليلي الوصفي، حيث أن تلخيص العمل الفني يفسده تماما، ويفسد متعة القارئ في الأساس، وبرر ذلك بان التلخيص يبحث دائما عن حدوتة وليس شرطا أن يحتوي العمل الفني علي حدوتة، وإلا ماذا يفعل الناقد من إياهم أمام عمل تشكيلي او مساحات لونية، كما أشاد الناقد بالصيغ المسرحية الفصيحة لدي كاتبنا وقال نحن في عصر عزت فيه الكتابة بالفصحي، خصيصة أخرى للكاتب كونه كاتبا متاملا وله عالمه الخاص، فالفن بناء وليس مجرد أفكار، فنحن نتقبل العمل الفني بالإحساس بداية ثم تاليا بالعقل، وان العمل الفني يعني ترتيب جزئيات النفس المضطربة من خلاله، وميزة أخرى للكاتب وهو نبل الموضوع في أدب محى عبد الحى، فقد خصص قسما منه للقضية الفلسطينية، لكنه من جانب آخر عندما يطل وجه الكاتب في عمله الفني بنصيحة او رأي فإن هذا يضعفه ويبعث الملل الفني في النص، والمسرح شخصيات تفعل ولا تقول، والمباشرة تلك تعني تدخل الكاتب برأيه ولا يترك الشخصيات تتحدث بلغتها المناسبة لثقافتها.
وعقب الشاعر الكبير/ المنجي سرحان أن الكاتب محى عبد الحي ممثلا ومخرجا مسرحيا أيضا منذ سنوات طوال، وان مسرحيته التراتير والمكتوبة قبل الثورة فائزة بجائزة مسرحية هامة، وان هناك العديد من الكتاب المسرحيين لم يتم العناية النقدية بمسرحهم مثل أنس داود، وأن الكتاب هم البنائين العظام للحضارة، وان لجنة الدستور يجب ان تضم عددا من قامات الفكر والثقافة والأدب لأنهم صانعي عقل الأمة.
ثم تتابعت التعليقات والأسئلة والمداخلات من السادة الحضور، فتسائل الشاعر حمادة محمد حول سر القطيعة بين المبدعين والقراء، وأجابه د. اسامه أبو طالب ان الأمية واحتقان المواصلات ومتاعب ومشاق الحياة تجعل الناس تنصرف عن الثقافة، ففي حياة بالغة القسوة يصعب الحديث عن ترف فكري أو رونق أدبي جمالي.
وتحدث الكاتب محييا الحضور ومعربا عن سعادته بمناقشة الناقد لمسرحه، كما تحدث ان طبيعة الموضوع المسرحي تحتم أحيانا المباشرة الموظفة في سياقها المسرحي، كما أشار إلي أنه عمل بكافة جوانب المسرح ممثلا وكاتبا ومخرجا، وانه يرجو ان ترى النصوص الجيدة النور لتبني مجتمعها الجديد.
وفي الختام نشير إلي جملة من لمحات وعبارات الناقد الكبير تكون بمثابة لافتات مشرقة من أفق الملتقي:
· لابد أن يعرف المبدع مسافة الرؤية من خلال انفصاله عن عمله الإبداعي، فيتحرك حينها من منطقته الساخنة (كونه مبدعا)، إلي منطقته الباردة (كونه مراقبا)، لكن حذار فغذا تغلب الناقد علي المبدع برد الإبداع وتمزق شمله، لكن النص الأدبي ليس مجرد موهبة وفقط لكنه أيضا صنعة.
· الفن هو الجزء الممتع من الثقافة، لكن ان تتحول الثقافة كلها ويتم اختصارها فقط في الجزء الفني فهذا من الخطورة بمكان.
· الثقافة تعني ان تتحول المعلومات إلي معرفة والمعارف إلي موقف وسلوك وقراءة للتاريخ، ثم صناعة هذا التاريخ وتغيير الواقع وهذا هو الأمر الهام للنهوض إلي الأفضل.
· الثقافة الإسلامية متسامحةة لا تقتني خطابا تميزيا مثل ثقافات أخرى قائمة علي الإستعلاء والتناقض.
· البشر هم من يقوموا ببناء حضارتهم وليست الحضارات تبنى بالأحجار.
· نشأت جرثومة الشقاق الكريهة وهي مبعث الكراهية مؤخرا في الشعب المصري وهي من ميراث عصر الفساد والإفساد.
· أن الشعب المصري من أسهل المجتمعات في إصلاحه، لذلك فإن بشريات العهد الجديد مواتية بالأمل.
· كلمة الستر لها ظلالها الساحرة وإيحائتها الهامة للشعب المصري.
· أن الفساد لم ينتهي بسقوط رأس النظام السابق، فالفاسدين ألقوا (بذورة) عفية صاحبة مهارة وبراعة في الفساد، وهم من الفاسدين الصغار في كل مؤسسة بمصر.
· أدباء الأقاليم هم رسل تنوير أخلاقي، وهى مسألة هامة جدا في البناء الثقافي والحضاري الجديد.
· مادة التطرف الصلبة ليست كائنة في طبيعة الشعب المصري.
· نحن نحتاج إلي حكومة ومسئولين لهم خيال، يستطيعون به ابتكار الحلول وتحقيق الإنجازات.
وفي ختام الملتقي الممتع لمناقشة مجلد مشوقا من المسرحيات تم إلتقاط صورة جماعية لبعض رواد الملتقي مع الضيوف الكرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق