الخميس، 8 نوفمبر 2012

قصة عندما يظمأ النهر - بقلم: خالد الطبلاوي

عندما يظمأ النهر
سكن الليل.... انتهى آخر فصل من فصول المشقة اليومية...نام الأولاد معانقين أحلامهم الوردية .....استجابت الزوجة لرغبته في الانفراد بقلمه وذهبت تعاني جليد الوحدة...ليس هناك من منغص يمنع الإبداع....تعانق كفه القلم بشوق عناق لقاءٍ بعد طول فراق....هذا القلم الذي ورثه أبوه عن جده العلامة...لقد سطر هذا القلم أغلى الدرر ... يسري بذاكرته قول أبيه ( لقد كان جدك صمتاً يمشي على الأرض فإذا نطق أو كتب التقط الناس كلامه كما يلتقط الألماس )..... هم بالكتابة...يتصلب القلم في يده كأنما خلقت له عضلات....ينظر إلى مستودع الحبر في القلم : ما بك ؟! ما زلت مليئاً ولم نكتب شيئاً بعد...يستدير القلم في يده ...يرنو إليه بثقب السن ساخراً :
  وماذا تريدني أن أكتب ؟! هل لديك جديد ؟! أم هي مضيعة للوقت والمداد والورق وهروب من الواجب ؟!
  تباً لك ... طبعا لدي الجديد ...أتراني سأعيد ما كتبته من قبل ؟!
  ( مستلقياً على قفاه من الضحك ) ما أغفلك.... أ وهذا فهمك للجديد ؟!
 
ماذا تعني إذن ؟!
أعني هل ستضيف شيئاً لم يقله أحدٌ
 قبلك ؟!
  فإن لم يكن ؟!
  فعليك بالصمت فإنه لك وجاء.... هكذا تعلمت من جدك رحمه الله
إذن لن أكتب ولن يكتب أحد من الناس
  حنانيك ...ليس الأمر على إطلاقه... فالجديد المطلق شيء كالغول والعنقاء...ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله
  كيف ؟!
  قد يكون جديد الفكرة أو اللغة أو الصياغة أو القالب .... المهم أنك تضيف إلى النهر ما يحتاج إليه النهر
  أ وليس أفيد للنهر أن يفيض ويكثر ماؤه ؟!
  ( ساخرا ) ويغرق ما حوله ويهلك الحرث والنسل ؟!
  أ لم يقل شوقي للنيل : الماء تسكبه فيسبك عسجداً***والأرض تغرقها فيحيا المغرقُ
  هذا قبل أن ُيبنى السد و يتمكن الناس من الري المنتظم الذي ضاعف الخير
  حيرتني
  لا داعي للحيرة إنك إن تقرأ فتتعلم أو تُوجِه فتُعلم خير لك من جهد جهيد تقول في نهايته : وكأننا والماء من حولنا ** قوم جلوس حولهم ماء
  تعني أن أبذل عزمي في تقوية جسور النهر و تخليصه من الشوائب ومنع إلقاء المخلفات فيه ؟!
  بدأت تبحر بشراع الفهم....أريدك حين تكتب أن تكون صاحب مذاق خاص يحتاج الناس لقراءة ما يكتب للعلم أو الاستمتاع والتفكر أو الاثنين معا...ولا أريدك الباحث عمن يقرأ له ما كتبه فلا يجد...إن تسول الجمهور أمر مهين مشين
  ( يلملم أوراقه ويهم بوضع الغطاء على رأس القلم )حسناً..... والآن
  ( يمنع القلم الغطاء عن وجهه) ماذا دهاك ؟! ... إلى أين ؟!!
  أستعين بقليل من الراحة على رحلة طويلة شاقة في طلب العلم بإذن الله
  ومتى ستكتب إذن ؟!!
  عندما يظمأ النهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق