الأحد، 11 نوفمبر 2012

مقال الباحث معتز محسن عن الكاتب الكبير مصطفي محمود - هيا لملتقي الكتاب رقم 41

 
مصطفى محمود .. و لازال نهر العلم و الإيمان يجري
في الذكرى الثالثة لرحيله

تمر اليوم الذكرى الثالثة لرحيل العالم الجليل و المفكر الكبير مصطفى محمود وسط تجاهل إعلامي و ثقافي كبير مما يجعلنا نتساءل لماذا كل هذا التجاهل؟! على الرغم من الثراء الفكري و الأدبي و العلمي الذي تركه لنا العالم الجليل!
ولد مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ من الأشراف و ينتهي نسبه إلى علي زين العابدين يوم 27 ديسمبر من عام 1921 بشبين الكوم التابعة لمحافظة المنوفية و كان توأمًا لأخ توفي في نفس عام مولده ، توفي والده عام 1939 بعد أعوامًا عديدة من الشلل مما ترك أثرًا كبيرًا في نفس مصطفى محمود و هنا أخذ على عاتقه الجد و الاجتهاد و العمل الدءوب فالتحق بكلية الطب و تخرج منها عام 1953 و كان سبب تأخره في التخرج ظروفه المرضية حيث ظل طريح الفراش لمدة عامان و أثناء مرضه دفعته الأيام إلى القراءة و الكتابة و بعث بمقالات عديدة لجرائد مختلفة و كان فكره في الوجود و سر هذا الوجود هو مفتاح بحثه عن الحقيقة فأنشأ في غرفته معملاً كيميائيًا و كان يُشرح الحيوانات ليعرف أسرارًا علمية كثيرة. أشتهر مصطفى محمود في كلية الطب باسم المشرحجي لكثرة وقوفه مدة طويلة أمام أجساد الموتى ليجد إجاباته على أسئلته حول سر الوجود.
ألتحق مصطفى محمود بالعمل في الصحافة حيث عمل بالأخبار و مجلة صباح الخير و جرائد عديدة و كان عضوًا بنقابة الصحفيين ، الصحافة و الأدب هما أساس تركه للطب حيث كان متخصصًا في الأمراض الصدرية و أنتقل من البحث عن أسباب علل الجسد إلى البحث عن أسباب علل النفس ليبدأ مشواره عام 1958 بكتاب (الله و الإنسان) الذي طُبع عن طريق جريدة الجمهورية حيث أحدث هذا الكتاب ضجة كبيرة و جدلاً واسعًا أدى لاتهامه بالكفر و الإلحاد حيث أنتهج مصطفى محمود في هذا المؤلف نهج وجودية سارتر الإلحادية حيث تم تقديمه للمحاكمة و كاد أن يدخل السجن لكن المحكمة حكمت بمنع الكتاب ليقوم مصطفى محمود برحلة فكرية عميقة أخذ يتجول فيها مابين الديانات السماوية و الوضعية إلى أن وصل للحقيقة بأن العلم الصحيح يأتي من الإيمان الصحيح فكان نهجه الذي أنتهجه عام 1970 بأول حلقة أذيعت بالتليفزيون المصري بعنوان (العلم و الإيمان) و تزامن هذا العنوان مع دعوة الرئيس السادات بإقامة دولة العلم و الإيمان و كان التليفزيون المصري راصدًا لهذا البرنامج 30 حلقة لكن لأسباب مالية و إدارية فشل المشروع و لكن جاءت الأقدار لتكون رحيمة بالمجتهدين حيث ظهر المنتج رياض العريان ليتكفل بتكاليف البرنامج ليكون أشهر برنامج تليفزيوني أثر في الوجدان و العقول كمؤشر على وجود الفكر الوسطي الذي يدعو للإسلام الصحيح الموازن بين الدين و الدنيا و أصبحت المقدمة الموسيقية سمة مميزة للبرنامج و هي مقدمة (الناي الحزين) لمحمود عفت.
خاض مصطفى محمود العديد من المعارك الفكرية مع علماء و دعاة و مفكرين و كان يحمل بسمة المحارب الصبور إلى أن جاءت معركة كتاب (الشفاعة) و التي هوجم فيها هجومًا شديدًا أدى إلى سوء حالته الصحية و إعتكافه و عزلته مع نفسه و الوحيد الذي وقف بجانبه د/ نصر فريد واصل الذي قال فيه (الدكتور مصطفى محمود رجل علم وفضل ومشهود له بالفصاحة والفهم وسعة الإطلاع والغيرة على الإسلام فما أكثر المواقف التي أشهر قلمه فيها للدفاع عن الإسلام والمسلمين والذود عن حياض الدين وكم عمل على تنقية الشريعة الإسلاميّة من الشوائب التي علقت بها وشهدت له المحافل التي صال فيها وجال دفاعا عن الدين) و ظل مصطفى محمود في عزلته إلا فيما ندر من لقاءاته مع الأحبة و الأصدقاء و التلاميذ إلى أن وافته المنية يوم 31 أكتوبر 2009 وسط تجاهل إعلامي و رسمي غريب و إحتفاء شعبي و جماهير بالدعوة له في جنات الخلد.
ترك لنا مصطفى محمود مسجد (محمود) الشهير بمسجد مصطفى محمود الذي إبتناه عام 1979 و يتبعه ثلاثة مراكز طبية تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود و يضم المركز أربعة مراصد فلكية و متحف للجيولوجيا يقوم عليه أساتذة متخصصون ويضم‏ المتحف‏ مجموعة‏ من‏ الصخور‏ الجرانيتية،‏ والفراشات‏ المحنطة‏ بأشكالها‏ المتنوعة‏ وبعض الكائنات‏ البحرية ، ترك لنا أيضًا 400 حلقة من برنامج (العلم و الإيمان) بجانب مؤلفاته المتنوعة ما بين الرواية و المسرح و القصة القصيرة و الإسلاميات و الفلسفة و العلم ك(المستحيل – العنكبوت – السؤال الحائر – لغز الحياة – لغز الموت – محمد صلى الله عليه وسلم – الله – سقوط اليسار – أكذوبة اليسار الإسلامي – الروح و الجسد – الشيطان يحكم – الغد المشتعل – رحلتي من الشك إلى الإيمان – حوار مع صديقي الملحد) و غيرها من الأعمال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق